وسيأتي في مستقبل تأريخه أنّه صار يقريء جماعة من الصحابة ، وجاء عند البخاري وغيره ذكر عبد الرحمن بن عوف منهم (١) وعمر بن الخطاب (٢) ، فحفظه للمحكم في أوائل سنيّ صحبته دليل على حسن تلقّيه ومدى أستعداده. ولم يكن تلقّيه مجرد حفظ آيات وسور ، بل لابدّ أن يكون قد تلقّى التأويل كما تلقّى التنزيل من أبن عمه صاحب الرسالة ومن فلَقِ فيه صلىاللهعليهوآلهوسلم. وإذا صح ما يروى أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم هو الّذي لقبه ب (ترجمان القرآن) (٣) ففي ذلك دلالة على أنّه وجد فيه ما يؤهله لأن يكون كذلكَ بفضل ما تعلّمه منه تنزيلاً وتأويلاً.
وزاد حرص حبر الأمة على طلب المزيد ، كثرة متابعته للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فكان ملازماً له ما وسعه ، ذلكَ وساعده على استزادة فرص تلك الملازمة ، وجود خالته أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث عند النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فكان يدخل بيتها ويبيت أحياناً عندها ، ليتابع معرفة أحوال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في بيته ، وحاله في نومه ويقظته ، وربما دعاه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى المبيت عند خالته كما سيأتي.
ولنقرأ عن ذلك :
_______________________
المواريث ٢ / ١٠١عن مالك في الموطأ ـ في الصلاة ـ قال مالك : بلغني أن عبد الله بن عمر مكث على سورة البقرة ثمان سنين يتعلمها.
(١) المصنف لعبد الرزاق ٥ / ٤٣٩ ، صحيح البخاري بشرح فتح الباري ١٢ / ١٢١.
(٢) ذكر ذلك المحب الطبري في ذخائر العقبى / ٢٣٣.
(٣) راجع ما مرّ في كنيته ولقبه.