الوليد ، وكانت أم غفيق ـ عقيق ـ أهدت إلى ميمونة هدية كان منها قعب فيه لبن ، فقدّمته ميمونة إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان عن يمينه عبد الله بن عباس رضياللهعنه وعن شماله خالد بن الوليد ، فشرب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثمّ قال لعبد الله بن عباس : (انّ الشربة لك ـ يريد بذلك شرفه لأنّه عن يمينه ـ أفتأذن لي أن أعطي خالد بن الوليد ؟) ـ يريد بذلك لسنّه ـ فقال ابن عباس : والله لا أوثر بفضل رسول الله أحداً ، وفي لفظ آخر : ما كنت لأوثر بسؤرك عليّ أحداً. ثمّ تناول القدح فشرب » (١).
ولا غرابة في رواية ابن عباس ذلك عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بعد أن مرّ بنا. ويأتي. ما يدل على عناية الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم به عناية خاصة فهو يوليه من رعايته ويحدب عليه ويقرّبه من نفسه لما يتوسم فيه من الخير لمخائل فطنته وذكائه. وإليك شاهداً على ما حظي به من تكريمه له.
فقد روى ابن سعد في طبقاته بسنده عنه قال : « دخلت مع رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم أنا وخالد بن الوليد على ميمونة بنت الحارث (٢) فقالت :
_______________________
ثمانين سنة ، وقيل أكثر. وكانت في ولائها لأهل البيت عليهم السلام كأم سلمة ، ولا أدل على ذلك من جوابها الجري بن سمرة ـ من أهل الكوفة ذكره ابن حبان في ثقات التابعين وقال : يروي عن عليّ روى عنه ابن اسحاق السبيعي ـ قال : لما كان من أهل البصرة الّذي كان بينهم وبين عليّ بن أبي طالب ، انطلقت حتى أتيت المدينة ، فأتيت ميمونة بنت الحارث ـ وهي من بني هلال ـ فسلّمت عليها ، فقالت : ممّن الرجل ؟ قلت من أهل العراق قالت : من أي أهل العراق ؟ قلت من أهل الكوفة ، قالت : من أي أهل الكوفة ؟ قلت : من بني عمّار قالت : مرحباً ، قُرب على قُرب ، ورَحباً على رَحب ، فمجيء ما جاء بك ؟ قلت : كان بين عليّ وطلحة الّذي كان فأقبلت فبايعتُ عليّاً. قالت : فالحق به ، فوالله ما ضَلّ ، ولا ضُلّ به ، حتى قالتها ثلاثاً. أخرجه الطبراني في معجمه الكبير ٢٤ / ٩ ط الثانية وأخرجه عنه الهيثمي في مجمع الزوائد ٩ / ١٣٥ وقال : رجاله رجال الصحيح غير جرير بن سمرة وهو ثقة.
(١) طبقات ابن سعد ١ ق ٢ / ١١١ ، مسند أحمد ١ / ٢٢٠ و ٢٢٥ ، حلية الاولياء ١ / ٣١٤.
(٢) رواه أحمد في مسنده ١ / ٢٢٠ و ٢٢٥ ، وأبو نعيم في الحلية ١ / ٣١٤ ، وغيرهما بتفاوت يسير في اللفظ.