فعن ابن سعد والنويري : « وتكلم عمر بن الخطاب فرفضه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم » ، بينما في روايته الثانية : « فتكلم عمر بن الخطاب ، فرفضها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » ، وفي تغيير الضمير في الرفض ما يستحق التأمل فيه.
أمّا عن ابن لهيعة فليس يهمنا فعلاً الدفاع عنه بعد ما روي الحديث بأسانيد ليس فيها ابن لهيعة كما مرّ عن ابن سعد ، ورواه أيضاً ابن حبّان في كتابه الثقات بسند ليس فيه ابن لهيعة ، فقد روى عن إبراهيم بن خريم عن عبد بن حميد عن عثمان بن عمر عن قرة بن خالد السدوسي عن أبي الزبير عن جابر : « انّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم دعا بصحيفة عند موته فكتب لهم فيها شيئاً لا يَضلّون ولا يُضلون ، وكان في البيت لغط ، وتكلم عمر فرفضها ... ا ه » (١).
وبالمقارنة بين رواية ابن حبّان وما سبقها ، يدرك القارئ مدى التحريف المتعمد كما هو عند الهيثمي ، إلّا أنّ الجديد في رواية ابن حبّان هي قوله : (فكتب لهم فيها شيئاً ...) ، فما هو الشيء الّذي كتب لهم ؟ ثمّ لماذا كان اللغط ؟ وممّن كان ؟ وأخيراً لماذا تكلم عمر ؟ ثمّ من ذا رفضها ؟ أهو عمر ؟ أم النبيّ ؟
كلّ هذا يجد القارئ الإجابة عليه في قول عمر لابن عباس : « أراده ـ يعني عليّاً ـ للأمر فمنعت من ذلك » ، وقوله الآخر وقد مرّ : « فكرهنا ذلك أشد كراهية » (راجع الصورة ٤).
ولم يكن ما تقدم من اختلاف في صورة حديث جابر مقتصراً على ما مرّ ، بل له صورة أخرى أخرجها البلاذري في جمل أنساب الأشراف من حديث
_______________________
(١) الثقات ٤ / ٢١٢ ط دار الكتب العلمية.