عند الله وعند رسوله وعند المسلمين من ألف قرشي لم تمازج روحه بالإسلام ، وإنّما أسلم كرهاً أو طمعاً كالمنافقين ومسلمة الفتح وأندادهم.
إذن فلا يجوز أن يستغفل القراء باحثٌ يدعو إلى كفّ الأقلام وتحجيم الإسلام ، في اطار ضيّق ، ومنظور خاطيء وخانق. بأن الجميع من الصحابة ، ولا يجوز أن يقال لصحابي لماذا انجرفت أو انحرفت ؟ فالصحابة أناس أمثالنا ، فهم بشر يُخطئون كما يَخطئ سائر الناس ، ولا غضاضة بعد ما رووا هم لنا قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في أحاديث الحوض : (إنّ منكم من لا يراني) ، و (لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم بعضاً) ، و (لتذادنّ عن الحوض فأقول : يا ربّ أصحابي فيقال : ما تدري ماذا أحدثوا بعدك) ، وهذه أحاديث وردت في الصحاح مكررة ومنها صحيح البخاري وصحيح مسلم ، ولمّا كانت لا مجال لنكرانها ، اضطرت علماء التبرير إلى تسلّق جدرانها بالتأويل والتفسير وليس هناك.
ثالثاً : ولمّا كان عبد الله بن عباس من الصحابة ، وللصحابة بريق صورة مرسومة في الكتب محاطة بهالة من التقديس ارتسمت في الأذهان بأنهم ـ حسب العاطفة الدينية ـ فوق مسار الشبهات ، فلا ينبغي أن يتجاوز الباحث سور الحصانة ، الذي دونه سور الصين العظيم ، فكيف بابن عباس وهو حبر الأمة ، لذا كان لزاماً عليّ وأنا أريد أن أكتب عنه من الرجوع إلى المصادر المعنيّة ـ وما أكثرها وأكثر ما فيها ـ لأجمع أشتات أخباره ، وأقف على آثاره ، ثم الموازنة بينها واستخلاص النتائج منها.
وهذا أمر على ما فيه من جهد ليس بذي بال
لأنّبّه عليه. لكن الأهم ـ والمزعج حقاً ـ أنّي وجدت تأريخه مليئاً بالمفارقات العجيبة ، فهو بين إفراط