اعترف بصحة دعواهم عمر بن الخطاب حين قال لابن عباس أراده رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم للأمر فمنعته من ذلك.
وأمّا الثالث وهو الجديد ـ فيما أعلم ـ إذ لم يأت في زبر الأولين ، وهو انّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لهم على طريق المشورة والاختبار ، هل يتفقون فيكتب لهم ، أو يختلفون فيتركه ، فلمّا أختلفوا تركه.
وصاحب هذا الرأي الفطير من الغباء بمكان ، إذ تخيل أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو في أخريات أيامه بعد لم يعرف أصحابه معرفة تامة ، وهو الّذي عايشهم طيلة ثلاثاً وعشرين سنة فلم يعرفهم وما كان عليه بعضهم من المخالفة له ، وكأن تلك التجارب الّتي مرّت عليه في اختلافهم عند المشورة لم تترك في نفسه أثراً يذكر حتى احتاج إلى إختبارهم مرة أخرى ؟
ألم يستشرهم في حرب بدر فكان منهم السامع المجيب ، ومنهم المخذّل المريب الّذي يقول له : انها قريش ما ذلّت منذ عزّت.
ألم يستشرهم في أسارى بدر ؟ فكان منهم من يرى قتل الأسارى ، ومنهم من يرى أخذ الفداء حتى نزلت الآية فحسمت الموقف المترجرج وذلك في قوله تعالى : ( حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً ) (١).
ألم يختلفوا عليه في وقعة أحد ؟!
ألم يختلفوا عليه في وقعة الأحزاب ؟!
ألم يختلفوا عليه في قضية بني النضير ؟!
ألم يختلفوا عليه في صلح الحديبية ؟!
_______________________
(١) محمّد / ٤.