ثمّ ليت العقاد تروّى قليلاً ولم يرسل القول على عواهنه ، وراجع الكلمة قبل أن يكتبها.
فقوله : « وكثيراً ما جاراه واستحب ما أشار به وعارض فيه » ؟ لماذا لم يوثق دعواه بشاهد صدق واحد من ذلك الكثير الّذي زعمه. وأين كان ذلك المستحب من مشورته الّذي جاراه فيه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وما أدري هل أنّ ما كان من إعراض النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عن أبي بكر وعن عمر حين شاور الناس في يوم بدر فتكلما فأعرض عنهما ، كان ذلك من شواهد الكثير الّذي زعمه (١) ؟
وما أدري لماذا تغيّر وجه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حين قال أبو بكر وحين قال في أناس من قريش : « إنهم جيرانك وحلفاؤك... الخ » (٢) فهل هذا من شواهد ذلك الكثير الّذي زعمه !
وما أدري لماذا قال صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد الّذي مرّ : (يا معشر قريش والله ليبعثنّ الله عليكم رجلاً منكم أمتحن الله قلبه للإيمان فيضربكم على الدين أو يضرب بعضكم) ، فقال أبو بكر : « أنا هو يا رسول الله ؟ » قال : (لا) ، قال عمر : « أنا هو يا رسول الله ؟ » قال : (لا ، ولكن ذلك الّذي يخصف النعل) ـ وكان أعطى عليّاً عليهالسلام نعلاً يخصفها (٣). وهل هذا من شواهد ذلك الكثير الّذي زعمه ، ثمّ إنّ قوله أشفق عمر من مراجعته فيما سيكتب وهو جد خطير وقال إنّ النبيّ غلبه الوجع ... الخ.
_______________________
(١) أنظر مسند أحمد ٣ / ٢١٩ و ٢٥٧.
(٢) نفس المصدر ١ / ١٥٥.
(٣) أنظر الخصائص للنسائي / ١١.