وجاء في حديث سليم بن قيس الهلالي عن ابن عباس : « فقال رجل منهم : انّ رسول الله يهجر » (١) ، وغير هؤلاء.
ويدلنا على نسبة عمر الهجر إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، تلجلج بعضهم عند ذكر كلمته فيقول : « قال كلمة معناها إنّ الوجع غلب عليه » ، وهذا ما صنعه ابن أبي الحديد وسائر من استهجن الكلمة من علماء التبرير لما فيها من مساس بقداسة الرسول وقدسية رسالته. فحذفوها وأثبتوا البديل عنها : « قد غلب عليه الوجع ».
والآن ليفكر القارئ في أمر عمر أيّ شيء كان يدعوه لتلك المقالة النابية والكلمة القارصة ؟ وماذا عليه لو كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كتب ذلك الكتاب ليعصم عمر وغير عمر من الأمة من الضلالة إلى الأبد ؟
وهل كان عمر يحب أن يبقى الناس في طخياء الضلالة يعمهون ؟ فليقل علماء التبرير ما عندهم ؟ وهل كان عمر يعتقد في نفسه « إنّ النبيّ يهجر » ؟ وكذلك فليقولوا ما شاؤا في ذلك ، وقد مرّ بعض ما عندهم من تخليط.
أم كان عمر يريد أمراً آخر من وراء كلمته ، فلم يرَ لديه أبلغ ممّا قاله ليبلغ مراده ؟ وهذا ما نراه ولا نتجنّى عليه ، فقد كان هو أيضاً يراه ، وقد صرّح بذلك ، ومرّت بعض تصريحاته في التعقيب على ما قاله علماء التبرير (عمريون أكثر من عمر) فراجع حيث علم أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يريد أن يكتب الكتاب باسم عليّ فمنع من ذلك.
فمنها قوله : « ولقد أراد ـ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أن يصرّح بأسمه ـ يعني عليّاً ـ فمنعت من ذلك اشفاقاً وحيطة على الإسلام » ؟!
ومنها قوله : « لقد كان من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذرواً من قول لا يثبت حجة ولا يقطع عذراً ».
_______________________
(١) وسيأتي الحديث بتمامه.