وكلها تهدف إلى رعاية البيت الحرام وإعداده للزائرين ، وتوفير الراحة للوافدين عليه في موسم الحج ، كما تكفل للمقيمين الطمأنينة والاستقرار.
وقد قام بإدارة تلك الوظائف رجال من مختلفي بطون قريش ، تفادياً لما يمكن أن يحدث بينها من تنافس على الحكم ، وضماناً لإسهامها في رعاية شئون مكة ، ولكي يتجنب أهل مكة كل ما من شأنه أن يثير التنافس فقد جعلوا على ضوء تقسيم قصي ـ كما أشرنا ـ لكل بطن وظيفة معينة ، يختار البطن لها من رجاله من يشغلها على أساس العرف القبلي ، الذي يعتبر الكفاءة الشخصية أساساً للتصدر (١).
وإذا أردنا أن نتعرف تاريخ اولئكم الزعماء الذين ترجع إليهم الأمور ، وتكفلوا بالنظر في حقوق العرب فيما بينهم ـ في فترة ما قبل الإسلام ـ نجدهم لا يتعدون البطون التالية :
وهم الذين يقال لهم قريش الأباطح ، وقريش البطاح ، لأنهم لباب قريش وصميمها الذين اختطوا بطحاء مكة وهي سرّتها فنزلوها وهم بنو عبد مناف ، وبنو عبد الدار ، وبنو زهرة ، وبنو تيم بن مرة ، وبنو مخزوم ، وبنو سهم ، وبنو عبد العزّى ، وجمح ، وبنو عدي بن كعب ، وبنو عامر بن لؤي ، وبنو هلال بن أهيب (٢).
_______________________
(١) نفس المصدر.
(٢) وكان الشعراء يمتدحون أبناءهم بالنسبة إلى الأباطح والبطاح فالبحتري يقول كما في ديوانه ٢ / ٣٢٠ :
ابن الأباطح من أرضٍ أباطحها |
|
في ذروة المجد أعلى من روابيه |
والسري الرفاء يقول في قصيدة يمدح آل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كما في ديوانه ٢ / ٧١٦ ـ ٧١٨ :
إذا عددنا قريشاً في أباطحها |
|
كانوا الذوائب فيها والعرانينا |
ولاحظ معجم البلدان ٢ / ٢١٣ ط الأولى بمصر ، وثمار القلوب للثعالبي / ٩٦.