صلى الله عليه (وآله) وسلم ، وأمر رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم أن يأتي بعض فرشهم فينام عليه ، فلما كان رأس ثلاث سنين تلاوم رجال من بني عبد مناف ومن بني قصيّ ورجال سواهم من قريش قد ولدتهم نساءٌ من بني هاشم ورأوا أنهم قد قطعوا الرحم واستخفوا بالحق ، واجتمع أمرهم من ليلتهم على نقض ما تعاهدوا عليه من الغدر والبراءة منه.
وبعث الله عزوجل على صحيفتهم التي فيها المكر برسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم الأرضة فلحست كل ما كان فيها من عهد وميثاق ، ويقال : كانت معلقة في سقف البيت ، ولم تترك إسماً لله عزوجل فيها إلّا لحسته ، وبقي ما كان فيها من شرك أو ظلم أو قطيعة رحم ، واطلع الله عزوجل رسوله على الذي صنع بصحيفتهم.
فذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم لأبي طالب ، فقال أبو طالب : لا والثواقب ما كذبني ، فانطلق يمشي بعصابة من بني عبد المطلب حتى أتى المسجد وهو حافل من قريش ، فلما رأوهم عامدين لجماعتهم أنكروا ذلك وظنوا أنهم خرجوا من شدة البلاء ، فأتوا ليعطوهم رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم ، فتكلم أبو طالب فقال : قد حدثت أمور بينكم لم نذكرها لكم فأتوا بصحيفتكم التي تعاهدتم عليها فلعله أن يكون بيننا وبينكم صلح ، وإنّما قال ذلك خشية أن ينظروا في الصحيفة قبل أن يأتوا بها ، فأتوا بصحيفتهم معجبين بها لا يشكّون أنّ رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم مدفوعٌ إليهم ، فوضعوها بينهم وقالوا قد آن لكم أن تقبلوا وترجعوا إلى أمر يجمع قومكم ، فإنّما قطع بيننا وبينكم رجل واحد جعلتموه خطراً لهلكة قومكم وعشيرتكم وفسادهم.