فقال أبو طالب : إنّما أتيتكم لأعطيكم أمراً لكم فيه نَصفَ ، إنّ ابن أخي قد أخبرني ولم يكذبني انّ الله عزوجل بريء من هذه الصحيفة التي في أيديكم ، ومحا كل اسم هو له فيها ، وترك فيها غدركم وقطيعتكم إيانا وتظاهركم علينا بالظلم (١) ، فإن كان الحديث الذي قال ابن أخي كما قال فأفيقوا ، فوالله لا نسلمه أبداً حتى نموت من عند آخرنا ، وإن كان الذي قال باطلاً دفعناه إليكم فقتلتم أو استحييتم.
قالوا : قد رضينا بالذي يقول ، ففتحوا الصحيفة فوجدوا الصادق المصدوق صلى الله عليه (وآله) وسلم قد أخبر خبرها ، فلما رأتها قريش كالذي قال أبو طالب ، قالوا والله إن كان هذا قط إلّا سحراً من صاحبكم ، فارتكسوا وعادوا بشرّ ما كانوا عليه من كفرهم والشدة على رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم وعلى المسلمين رهطه والقيام بما تعاهدوا عليه ، فقال أولئك النفر من بني عبد المطلب : إنّ أولى بالكذب والسحر غيرنا فكيف ترون ، فإنّا نعلم أنّ الذي اجتمعتم عليه من قطيعتنا أقرب إلى الجبت والسحر من أمرنا ، ولولا أنكم اجتمعتم على السحر لم تفسد صحيفتكم وهي في أيديكم ، طمس الله ما كان فيها من اسم ، وما كان من بغي تركه ، أفنحن السحرة أم أنتم ؟!.
(نقض الصحيفة)
فقال عند ذلك النفر من بني عبد مناف وبني قصيّ ورجال من قريش ولدتهم نساء بني هاشم ، منهم أبو البختري والمطعم بن عدي وزهير بن أبي أمية
_______________________
(١) في جملة من المصادر التاريخية وكتب السيرة : ان الأرضة أكلت جميع ما في الصحيفة من قطيعة وظلم ولم تدع سوى اسم الله تعالى فقط : وكانوا يكتبون (باسمك اللّهم).