الأذان في أذنه اليمنى والإقامة في اليسرى ، وهذا لا يصمد أمام ما روي في تاريخ ابتداء الأذان ، وأن تشريعه كان في السنة الثانية من الهجرة (١).
ولم تقتصر تلك الرواية في مباركة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وليد عمّه على ذكر الأذان ، كما في الرواية السابقة ، بل ذكر أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أخذه فحنكه ، ولتّه بريقه ، ودعا له ، وسماه عبد الله.
وذكر البلاذري : « عن عباس بن هشام عن أبيه عن جده عن أبي صالح قال : ولد عبد الله ابن عباس وبنو عبد المطلب في الشعب ، وذلك قبل هجرة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى المدينة بثلاث سنين ، فجاء به أبوه إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقبّله ومسح وجهه ورأسه ودعا له فقال : اللّهم املأ جوفه فهماً وعلماً ، واجعله من عبادك الصالحين. ثم قال : ياعم هذا عن قليل حبر أمتي وفقيهها ، والمؤدي لتأويل التنزيل » (٢).
ولا شك أنّ في الرواية سنداً ومتناً أكثر من مناقشة ، بل عليها آثار الوضع بادية ! ومع ذلك لا نشك أنّ الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم كان إذا أتوه بوليد يدعو له ويباركه ، فمن غير المستبعد أن أجرى ذلك لأبن عمه خصوصاً وهم في حال الحصار ، وقد دخل أبوه العباس الشعب حميّة لأبن أخيه ، ولم يكن بعد قد أسلم.
وقد ذكر أبو جعفر الطبري في تهذيب الآثار في السفر الأول (مسند عبد الله بن عباس) تحقيقاً شاملاً حول أحاديث : (اللّهم علمه الحكمة) ، (اللّهم علمه
_______________________
(١) لعل من الغريب أن يذهب أبو القاسم السهمي في الفضائل إلى القول بهذه الرواية نقلاً عن أبي عمرو مع ما فيها من آثار الوضع الظاهرة. أنظر تاريخ الخميس للديار بكري ١ / ١٦٧ ط الوهبية ١٢٨٣ ه.
(٢) عيون الأثر لابن سيد الناس ١ / ١٢٩.