الكتاب) ، (اللّهم ألهمه التأويل وعلّمه الحكمة) ، (اللّهم فقّهه في الدين وعلّمه التأويل) ، (اللّهم علمه الحكمة وتأويل القرآن) ، إلى آخر ما ذكره من أخبار ورد فيها دعاء الرسول الكريم بأسانيد مختلفة ومتون متفاوتة ، وليست كلها قالها عند ولادته ، بل صريح بعضها أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قالها في المدينة (١).
ثم قال : « القول البيان عن معنى ما في هذا الخبر ، والذي فيه : الإبانة عما خصّ الله تعالى ذكره به نبيّنا صلى الله عليه (وآله) وسلم من الفضيلة باجابة دعائه ، وإعطاء مسألته ، وذلك أنه دعا عليهالسلام لابن عمه عبد الله بن عباس بأن يعلّمه الحكمة وتأويل القرآن ، وأن يفقهه في الدين فأعطاه ذلك ، وأجاب له دعاءه بما دعا به فيه ، فكان عالماً بالحكمة وتأويل القرآن ، فقيهاً في الدين ، مقدّماً في ذلك ، نقّاباً مبرّزاً على أقرانه ، لا يتقدمه منهم أحد ، بل لا يدانيه ولا يقاربه منهم بشرٌ في أيامه ، يشهد له بذلك الجلة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم والتابعين لهم بإحسان » (٢).
ثم ساق شهادات بعلمه عن كل من ابن مسعود ، وعائشة ، وابن عمر ، ومجاهد ، وميمون بن مهران ، وعكرمة ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، وسليم أبي هنّاد ، وطاوس ، والأعمش وسعيد بن جبير ، وشقيق ، وحكيم بن جبير (٣). (وستأتي في تاريخه العلمي ، الحلقة الثالثة)
أقول : وبعد هذا الذي ذكره الطبري من الشهادات الدالة على ظهور آثار الدعوة النبوية في ابن عمه حبر الأمة عبد الله بن عباس ، نطمئن إلى صدور الدعوة المباركة ، اجمالاً مهما كانت الشكوك في التفاصيل الأخرى.
_______________________
(١) تهذيب الآثار (السفر الأول) / ١٦٣.
(٢) نفس المصدر / ١٧١.
(٣) نفس المصدر / ١٧٢ ـ ١٨١.