ونحن كناية عنهم.
( نون )
قوله تعالى ( ن وَالْقَلَمِ ) [ ٦٨ / ١ ] الآية قِيلَ ( ن ) هُوَ الْحُوتُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَرَضُونَ ، وَقِيلَ الدَّوَاةُ.
وَقِيلَ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ ، قَالَ اللهُ تَعَالَى لَهُ كُنْ مِدَاداً فَجَمَدَ ، وَكَانَ أَشَدَّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ فَكَتَبَ بِهِ مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقَصِيرِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام » قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ ( ن وَالْقَلَمِ ) قَالَ : إِنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَ الْقَلَمَ مِنْ شَجَرَةٍ فِي الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهَا الْخُلْدُ ، ثُمَّ قَالَ لِنَهَرٍ فِي الْجَنَّةِ : كُنْ مِدَاداً ، فَجَمَدَ النَّهَرُ ، وَكَانَ أَشَدَّ بَيَاضاً مِنَ الثَّلْجِ وَأَحْلَى مِنَ الشَّهْدِ ، ثُمَّ قَالَ لِلْقَلَمِ : اكْتُبْ قَالَ : وَمَا أَكْتُبُ؟ قَالَ : اكْتُبْ مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَكَتَبَ الْقَلَمُ فِي رَقٍّ أَشَدَّ بَيَاضاً مِنَ الْفِضَّةِ وَأَصْفَى مِنَ الْيَاقُوتِ ، ثُمَّ طَوَاهُ فَجَعَلَهُ فِي رَأْسِ رُكْنِ الْعَرْشِ ، ثُمَّ خَتَمَ عَلَى فَمِ الْقَلَمِ فَلَمْ يَنْطِقْ بَعْدُ وَلَا يَنْطِقُ أَبَداً.
قوله ( وَذَا النُّونِ ) [ ٢١ / ٨٧ ] وهو لقب يونس بن متى عليهالسلام.
وَمِنْ قِصَّتِهِ أَنَّهُ نَبِيٌّ أَرْسَلَهُ اللهُ إِلَى أَهْلِ الْمَوْصِلِ (١) فَضَجِرَ لِطُولِ مَا ذَكَّرَهُمْ فَلَمْ يَذَّكَّرُوا ، وَأَقَامُوا عَلَى كُفْرِهِمْ فَرَاغَمَهُمْ ، وَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ سَائِغٌ ، حَيْثُ لَمْ يَفْعَلْهُ إِلَّا غَيْظاً لِلَّهِ وَأَنَفَةً لِدِينِهِ وَبُغْضاً لِلْكُفْرِ وَأَهْلِهِ ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُصَابِرَهُمْ لِيَنْظُرَ الْإِذْنَ مِنَ اللهِ فِي مُهَاجَرَتِهِمْ فَابْتُلِيَ بِالْحُوتِ ، وَهُوَ النُّونُ.
ونُونُ البحر : حيتانها ، وجمع النُّونِ أَنْوَانٌ ونِينَانٌ ـ كما قالوا ـ : حوت ، وحيتان ، وأحوات.
ومنه الدُّعَاءُ « سُبْحَانَ مَنْ يَعْلَمُ اخْتِلَافَ النِّينَانِ فِي الْبِحَارِ الْغَامِرَاتِ ».
وذو النُّونِ المصري كان أصله من
__________________
(١) الموصل : مدينة كبيرة من مدن العراق الشمالية ، تلقب ب « الحدباء ». وهي على نهر ( دجلة ). وبالقرب منها انقاظ مدينة قديمة ( نينوى ) فيها قبر نبي الله ( يونس عليهالسلام ) على تل مرتفع.