وعليه قوله تعالى ( طَوْعاً أَوْ كَرْهاً ) [ ٩ / ٥٣ ] فقابل بين الضدين.
قال الزجاج ـ نقلا عنه ـ : كل ما في القرآن من الكره بالضم فالفتح فيه جائز إلا في سورة البقرة في قوله ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ ) [ ٢ / ٢١٦ ].
قوله فَكَرِهْتُمُوهُ [ ٤٩ / ١٢ ] أي فتحقق بوجوب الإقرار عليكم كراهتكم له ونفور طاعتكم منه فأكرهوا ما هو نظيره من الغيبة.
قوله ( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ) [ ١٦ / ١٠٦ ] قال المفسر : ( إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ ) مستثنى من قوله ( فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ ) [ ١٦ / ١٠٦ ].
قِيلَ : وَمِمَّنْ أُكْرِهَ ( عَمَّارٌ ) وَأَبُوهُ ( يَاسِرٌ ) وَ ( سُمَيَّةُ ) وَ ( بِلَالٌ ) وَ ( خَبَّابٌ ) حَتَّى نُقِلَ « أَنَّ عَمَّاراً جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآله وَهُوَ يَبْكِي فَقَالَ لَهُ : مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ : شَرٌّ يَا رَسُولَ اللهِ مَا تَرَكْتُ حَتَّى نِلْتُ مِنْكَ وَذَكَرْتُ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآله يَمْسَحُ عَيْنَيْهِ وَيَقُولُ : إِنْ عَادُوا لَكَ فَعُدْ لَهُمْ بِمَا قُلْتَ » (١).
ثم قال المفسر : وقد قسم أصحابنا التقية إلى ثلاثة أقسام :
الأول حرام ، وهو في الدماء فإنه لا تقية فيها لأنها إنما وجبت حقنا للدم فلا تكون سببا في إباحته.
والثاني مباح ، وهو في إظهار كلمة الكفر فإنه يباح الأمران ، استدلالا بقصة عمار وأبويه ، فإن النبي صلىاللهعليهوآله صوب الفعلين معا على ما نقل.
الثالث واجب ، وهو فيما عدا هذين القسمين ، للدلالة على ذلك مع إجماع الطائفة هذا مع تحقق الضرر ، أما إذا لم يتحقق يكون الفعل مباحا ومستحبا.
وكَرِهَ الأمر كَرَاهَةً فهو كَرِيهٌ ، مثل قبيح وزنا ومعنى ، وكَرَاهِيَةً بالتخفيف أيضا.
وكَرِهْتُهُ أَكْرَهُهُ من باب تعب كرها وكرها : ضد حببته فهو مكروه.
__________________
(١) جوامع الجامع : الشيخ الطبرسي ص ٢٥٠.