٣ ـ حدثنا محمد بن علي ماجيلويه ـ رحمهالله ـ قال حدثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، قال : ما سمعت ولا استفدت من هشام بن الحكم في طول صحبتي له شيئا أحسن من هذا الكلام في صفة عصمة الامام فإني سألته يوما عن الامام أهو معصوم؟ فقال : نعم. فقلت : فما صفة العصمة فيه؟ وبأي شئ تعرف؟ فقال : إن جميع الذنوب لها أربعة أوجه ولا خامس لها : الحرص ، والحسد ، والغضب ، والشهوة فهذه منفية عنه لا يجوز أن يكون حريصا على هذه الدنيا وهي تحت خاتمه لأنه خازن المسلمين ، فعلى ماذا يحرص؟ ولا يجوز أن يكون حسودا لان الانسان إنما يحسد من فوقه وليس فوقه أحد ، فكيف يحسد من هو دونه؟ ولا يجوز أن يغضب لشئ من أمور الدنيا إلا أن يكون غضبه لله عزوجل ، فإن الله عزوجل قد فرض عليه إقامة الحدود وأن لا تأخذه في الله لومة لائم ولا رأفة في دينه حتى يقيم حدود الله عزوجل ، ولا يجوز له أن يتبع الشهوات ويؤثر الدنيا على الآخرة لان الله عزوجل حبب إليه الآخرة كما حبب إلينا الدنيا فهو ينظر إلى الآخرة كما ننظر إلى الدنيا فهل رأيت أحدا ترك وجها حسنا لوجه قبيح وطعاما طيبا لطعام مر وثوبا لينا لثوب خشن ونعمة دائمة باقية لدنيا زائلة فانية.
قال أبو جعفر مصنف هذا الكتاب : الدليل على عصمة الامام أنه لما كان كل كلام ينقل عن قائله يحتمل وجوها من التأويل وكان أكثر القرآن والسنة مما أجمعت الفرق على أنه صحيح لم يغير ولم يبدل ولم يزد فيه ولم ينقص منه محتملا لوجوه كثيرة من التأويل وجب أن يكون مع ذلك مخبر صادق معصوم من تعمد الكذب والغلط ، منبئ عما عنى الله ورسوله في الكتاب والسنة على حق ذلك وصدقه ، لان الخلق مختلفون في التأويل ، كل فرقة تميل مع القرآن والسنة إلى مذهبها ، فلو كان الله تبارك وتعالى تركهم بهذه الصفة من غير مخبر عن كتابه صادق فيه لكان قد سوغهم الاختلاف في الدين ودعاهم إليه إذ أنزل كتابا يحتمل التأويل وسن نبيه صلىاللهعليهوآله سنة يحتمل التأويل وأمرهم بالعمل بهما ، فكأنه قال : تأولوا واعملوا. وفي ذلك إباحة العمل بالمتناقضات والاعتماد للحق وخلافه. فلما استحال ذلك على الله عزوجل وجب أن يكون مع القرآن والسنة