عن هذا والله أردت أن أسألك يا ابن رسول الله فأخبرني. فقال : إن عليا عليهالسلام برسول الله شرف ، وبه ارتفع ، وبه وصل إلى إطفاء نار الشرك وإبطال كل معبود دون الله عزوجل ، ولو علا النبي صلىاللهعليهوآله لحط الأصنام لكان بعلي عليهالسلام مرتفعا وشريفا وواصلا إلى حط الأصنام ، ولو كان ذلك كذلك لكان أفضل منه ، ألا ترى أن عليا عليهالسلام قال : لما علوت ظهر رسول الله صلىاللهعليهوآله شرفت وارتفعت حتى لو شئت أن أنال السماء لنلتها ، أما علمت أن المصباح هو الذي يهتدي به في الظلمة وانبعاث فرعه من أصله ، وقد قال علي عليهالسلام : « أنا من أحمد كالضوء من الضوء » ، أما علمت أن محمدا وعليا صلوات الله عليهما كانا نورا بين يدي الله جل جلاله قبل خلق الخلق بألفي عام (١) وان الملائكة لما رأت ذلك النور رأت له أصلا قد انشعب فيه شعاع لامع ، فقالت : إلهنا وسيدنا ، ما هذا النور! فأوحى الله عزوجل إليهم : هذا نور من نوري أصله نبوة وفرعه إمامه ، أما النبوة فلمحمد عبدي ورسولي ، وأما الإمامة فلعلي حجتي ووليي ولولاهما ما خلقت خلقي ، أما علمت أن رسول الله صلىاللهعليهوآله رفع يدي علي عليهالسلام بغدير خم حتى نظر الناس إلى بياض إبطيهما فجعله مولى المسلمين وإمامهم ، وقد احتمل صلىاللهعليهوآله الحسن والحسين عليهماالسلام يوم حظيرة بني النجار ، فلما قال له بعض أصحابه : ناولني أحدهما يا رسول الله. قال : نعم الحاملان ونعم الراكبان وأبوهما خير منهما ، وروي في خبر آخر أن رسول الله صلىاللهعليهوآله حمل الحسن وحمل جبريل الحسين فلهذا قال : نعم الحاملان. وإنه عليهالسلام كان يصلى بأصحابه فأطال سجدة من سجداته ، فلما سلم قيل له : يا رسول الله لقد أطلت هذه السجدة. فقال صلىاللهعليهوآله : نعم ، إن ابني ارتحلني (٢) فكرهت أن أعجله حتى ينزل وإنما أراد عليهالسلام بذلك رفعهم وتشريفهم ، فالنبي صلىاللهعليهوآله رسول بني آدم وعلي عليهالسلام
__________________
(١) قد تقدم منا أن هذا النحو من التحديد بالأيام والأعوام ليس على حد ما نحدد معاشر الناس الأمور بالشهور والسنين التي ليست الا مقدار الحركة لان من البديهي أنه لم يكن قبل خلق الخلق زمان ولا حركة ولا يوم ولا سنة فهذا النحو من التقدم نوع آخر غير التقدم الزماني الذي نعرفه فتذكر. اللهم الا ان يراد بالخلق بنو آدم لكن هذا التأويل مما لا تحتمله تلك الرواية فان فيها ان الله تبارك وتعالى خلق نور محمد قبل ان يخلق السماوات والأرض والعرش والكرسي الخ ( م ).
(٢) ارتحله : ركبه.