عن عكرمة ، عن ابن عباس ، وحدثنا محمد بن علي ماجيلويه ، عن عمه محمد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبان ابن تغلب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : ذكرت الخلافة عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام فقال :
والله لقد تقمصها أخو تيم وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ينحدر عنه السيل ، ولا يرتقي إليه الطير ، فسدلت دونها ثوبا ، وطويت عنها كشحا ، وطفقت أرتئي [ ما ] بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء ، يشيب فيها الصغير ، ويهرم فيها الكبير ، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى الله [ ربه ].
فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجى ، أرى تراثي نهبا ، حتى إذا مضى الأول لسبيله عقدها لأخي عدي بعده ، فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته ، فصيرها والله في حوزة خشناء ، يخشن مسها ، ويغلظ كلمها ، ويكثر العثار والاعتذار [ منها ] ، فصاحبها كراكب الصعبة إن عنف بها حرن ، (١) وإن سلس بها غسق فمني الناس بتلون واعتراض وبلوا مع هن وهني.
فصبرت على طول المدة وشدة المحنة حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أني منهم ، فيالله لهم وللشورى ، متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن بهذه النظائر؟ فمال رجل بضبعه ، (٢) وأصغى آخر لصهره ، وقام ثالث القوم نافجا حضينه بين نثيله ومعتلفه ، وقام معه بنو أمية يهضمون مال الله هضم الإبل نبتة الربيع ، حتى أجهز عليه عمله ، فما راعني إلا والناس إلي كعرف الضبع ، قد انثالوا علي من كل جانب ، حتى لقد وطئ الحسنان وشق عطافي ، حتى إذا نهضت بالامر نكثت طائفة وفسقت أخرى ومرق آخرون ، كأنهم لم يسمعوا قول الله تبارك وتعالى. « تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين » (٣)
__________________
(١) بفتح المهملتين أي وقف.
(٢) كذا وفى النهج والعلل « لضغنه » أي لحقده وحسده. وهذا إشارة إلى سعد بن أبي وقاص ولكن يأتي من المؤلف معنى الضبع وقال : في رواية بضلعه.
(٣) القصص : ٨٣.