حدثنا محمد بن ، زكريا الجوهري ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة ، عن أبيه ، عن سفيان ابن سعيد ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهماالسلام ـ وكان والله صادقا كما سمي ـ يقول : يا سفيان ، عليك بالتقية فإنها سنة إبراهيم الخليل عليهالسلام وإن الله عزوجل قال لموسى وهارون : « اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى » (١) يقول الله عزوجل : كنياه وقولا له : « يا أبا مصعب » وإن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان إذا أراد سفرا وروى بغيره (٢) وقال : أمرني ربي بمداراة الناس كما أمرني بأداء الفرائض ولقد أدبه الله عزوجل بالتقية فقال : « ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقيها إلا الذين صبروا وما يلقيها إلا ذو حظ عظيم (٣) » يا سفيان من استعمل التقية في دين الله فقد تسنم الذروة العليا من العز ، إن عز المؤمن في حفظ لسانه ومن لم يملك لسانه ندم. قال سفيان : فقلت له : يا ابن رسول الله هل يجوز أن يطمع الله عز وجل عباده في كون مالا يكون؟ قال : لا. فقلت : فكيف قال الله عزوجل لموسى وهارون عليهماالسلام : « لعله يتذكر أو يخشى » وقد علم أن فرعون لا يتذكر ولا يخشى؟ فقال : إن فرعون قد تذكر وخشي ولكن عند رؤية البأس حيث لم ينفعه الايمان ، ألا تسمع الله عزوجل يقول : « حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين » فلم يقبل الله عزوجل إيمانه وقال : « الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين * فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية (٤) » يقول : نلقيك على نجوة من الأرض لتكون لمن بعدك علامة وعبرة.
حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ـ رضياللهعنه ـ قال : حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري ، قال : حدثنا أبو العباس ، عن أحمد بن يحيى ، عن سلمة ، عن الفراء قال : يقال : هي ذروة الجبل وذروته ، وهو فرعون وفرعون (٥) ، وهو سفيان وسفيان ، قال لي : أبو بكر وحكى يونس النحوي أنه سفيان ، وروي عن غير الفراء أن
__________________
(١) طه ٤٣ و ٤٤.
(٢) أي ستره وكنى عنه وأوهم أنه يريد غيره وأصله من الوراء أي ألقى البيان وراء ظهره لئلا ينتهى خبره إلى مقصده فيستعدوا لقتاله.
(٣) فصلت : ٣٤ و ٣٥.
(٤) يونس : ٩٠ و ٩١ و ٩٢.
(٥) كذا ولعل وجه التكرار بيان جواز كسر الفاء وضمها. ( م )