وفاته لان إحدى منازل هارون أن كان نبيا ، فلما كان ذلك كذلك وجب أن النبي صلىاللهعليهوآله إنما نفي أن يكون علي نبيا في الوقت الذي جعل له فيه الفضيلة ، لان بسببها ما احتاج إلى نفي النبوة ، وإذا وجب أن المنزلة هي في النبوة وجب أنها بعد الوفاة لان نفي النبوة بعد الوفاة ، وإذا وجب أن عليا عليهالسلام بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله بمنزلة هارون من موسى في حياة موسى فقد وجبت له الخلافة على المسلمين وفرض الطاعة ، وأنه أعلمهم وأفضلهم. لأن هذه كانت منازل هارون من موسى في حياة موسى.
فإن قال قائل : لعل قول النبي صلىاللهعليهوآله : « بعدي » إنما دل به على بعد نبوتي ولم يرد بعد وفاتي.
قيل له : لو جاز ذلك لجاز أن يكون كل خبر رواه المسلمون من أنه لا نبي بعد محمد صلىاللهعليهوآله أنه إنما هولا نبي بعد نبوته وأنه قد يجوز أن يكون بعد وفاته أنبياء.
فإن قال : قد اتفق المسلمون على أن معنى قوله : « لا نبي بعدي » هو أنه لا نبي. بعد وفاتي إلى يوم القيامة. فكذلك يقال له في كل خبر وأثر يومي (١) فيه أنه لا نبي بعده.
فإن قال : إن قول النبي صلىاللهعليهوآله لعلي عليهالسلام : « أنت مني بمنزلة هارون من موسى » إنما كان حيث خرج النبي صلىاللهعليهوآله إلى غزوة تبوك فاستخلف عليا عليهالسلام. فقال : يا رسول الله تخلفني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟
قيل : هذا غلط في النظر لأنك لا تروي خبرا تخصص به معنى الخبر المجمع عليه إلا وروينا بإزائه ما ينقضه ويخصص الخبر المجمع عليه على المعنى الذي ندعيه دون ما تذهب إليه ولا يكون لك ولا لنا في ذلك حجة لان الخبرين مخصوصان ويبقى الخبر على عمومه ويكون دلالته وما يوجبه وروده عموما لنا دونك. لأنا نروي بإزاء ما رويته أن النبي صلىاللهعليهوآله جمع المسلمين وقال لهم : وقد استخلفت عليا عليكم بعد وفاتي وقلدته أمركم وذلك بوحي من الله عزوجل إلي فيه.
__________________
(١) في بعض النسخ [ روى ].