قال مصنف هذا الكتاب ـ رضياللهعنه ـ : سألت أبا بشر اللغوي بمدينة السلام عن معنى الامام فقال : الامام في لغة العرب هو المتقدم بالناس ، والامام هو المطمر وهو التر (١) الذي يبنى عليه البناء ، والامام هو الذهب الذي يجعل في دار الضرب ليؤخذ عليه العيار ، والامام هو الخيط الذي يجمع حبات العقد ، والامام هو الدليل في السفر في ظلمة الليل ، والامام هو السهم الذي يجعل مثالا يعمل عليه السهام.
٢ ـ حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ـ رضياللهعنه ـ قال : حدثنا أبو أحمد القاسم بن محمد بن علي الهاروني ، قال : حدثنا أبو حامد عمران بن موسى بن إبراهيم ، عن الحسن بن القاسم الرقام ، قال : حدثني القاسم بن مسلم ، عن أخيه عبد العزيز بن مسلم ، قال : كنا مع الرضا عليهالسلام بمرو فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا فأداروا أمر الإمامة وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها فدخلت على سيدي عليهالسلام فأعلمته خوضان الناس في ذلك فتبسم عليهالسلام ، ثم قال : يا عبد العزيز جهل القوم وخدعوا عن أديانهم : إن الله عزوجل لم يقبض نبيه صلىاللهعليهوآله حتى أكمل لهم الدين ، وأنزل عليه القرآن فيه تفصيل كل شئ بين فيه الحلال والحرام والحدود والاحكام وجميع ما يحتاج الناس إليه كملا فقال عزوجل : « ما فرطنا في الكتاب من شئ » (٢) فأنزل في حجة الوداع وهي آخر عمره عليهالسلام : « اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الاسلام دينا (٣) » فأمر الإمامة من تمام الدين فلم يمض عليهالسلام حتى بين لامته معالم دينهم وأوضح لهم سبيلهم وتركهم على قصد سبيل الحق وأقام لهم عليا عليهالسلام علما وإماما وما ترك شيئا يحتاج إليه الأمة إلا بينه فمن زعم أن الله عزوجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله من رد كتاب الله فهو كافر ، هل تعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم. إن الإمامة أجل قدرا ، وأعظم شأنا ، وأعلى مكانا ، وأمنع جانبا ، وأبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها بآرائهم ، أو يقيموا إماما
__________________
(١) التر ـ بضم التاء المثناة والراء المهملة ـ : خيط يمد البناء على البناء ليقدر به.
(٢) الانعام : ٣٨. أي ما قصرنا في القرآن فإنه دون فيه يحتاج إليه من أمر الدين مجملا ومفصلا و « من » مزيدة. ( البيضاوي ).
(٣) المائدة : ٣.