وظاهر الإضافة كونه من أهل العراق ، وعرف السائل في الكلام مع الحكيم العالم بعرف المخاطب مقدّم على عرف المتكلّم والبلد ، على أنّه لم يعرف كونه عليهالسلام قال ذلك وهو في المدينة ، قيل ولذلك اعتبر العراقي في الصاع » ـ إلى أن قال ـ : « وربّما يؤيّده ما قيل إنّ الكرّ في الأصل كان مكيال أهل العراق ، وأنّهم قدّروا بالكرّ من جهة أنّ مخاطبهم كان من أهل العراق » (١) انتهى.
وقيل أيضا (٢) ـ في جواب الاحتجاج الحاملين على المدني ، بأنّه عليهالسلام كان من اهل المدينة فالظاهر أنّه عليهالسلام أجاب بما هو المعهود عنده ـ : « بأنّ المهمّ في نظر الحكيم هو رعاية ما يفهمه السائل ، وذلك إنّما يحصل بمخاطبته بما يعهده من اصطلاحه ، ولم يعلم أنّ السائل كان مدنيّا ، وغالب الرواة عنه عليهالسلام كانوا من أهل العراق ، فلعلّ السائل كان منهم حملا على الغالب ».
قال في الحدائق ـ عقيب هذا الكلام ـ : قلت : « ويؤيّد بأنّ المرسل وهو ابن أبي عمير كان عراقيّا » (٣) وعن الآخرين الاحتجاج أوّلا بالإجماع ، حكاه في المناهل (٤) عن السيّد في الناصريّات ، قائلا : « وأمّا الكلام في تصحيح ما ذكرناه من الكرّ وتعيينه بالأرطال فالحجّة في صحّته إجماع الإماميّة وإجماعنا حجّة » (٥).
وفيه : ما لا يخفى بعد ملاحظة أنّ القول بما صار إليه منحصر فيه وفي الصدوق.
وثانيا : أنّ الصادق عليهالسلام كان مدنيّا فيجب حمل كلامه على المصطلح عليه بين أهل المدينة ، لأنّ كلّ قوم يحاورون بما هو المصطلح عليه بينهم ، وثالثا : الاحتياط.
وأنت إذا تأمّلت في المسألة علمت بما في أكثر أدلّة الأوّلين مع بعض أدلّة الآخرين ، فإنّها ليست إلّا اجتهادات وردت على خلاف التحقيق واستنباطات خرجت غير مطابقة لمقصود المقام ، فإنّ الشبهة لفظيّة والغرض المهمّ تحصيل ما يوجب الخروج عن تلك الشبهة ، ويجدينا في رفع إجمال الاشتراك بالكشف عن حقيقة المراد من اللفظ ، وأيّ ربط في عمومات الطهارة والمطهّريّة وخلقة الماء لجهة الانتفاع ، والاصول
__________________
(١) جواهر الكلام ١ : ٣٤١.
(٢) نقله في الحدائق الناضرة ١ : ٢٥٨.
(٣) الحدائق الناضرة ١ : ٢٥٨.
(٤) المناهل ـ كتاب الطهارة (مخطوط) ـ الورقة : ١٠٧.
(٥) الناصريّات (سلسلة الينابيع الفقهيّة ١ : ١٣٦).