ونحوه الكلام في دعوى رجوعه عن الوقف ، إذ لم يوجد نقل ذلك في كلام أئمّة الرجال إلّا ما في العبارة المحكيّة عن التعليقة (١) من إشارة إجماليّة إلى كونه اثنى عشريّا ، ولو صحّ ذلك لقضى بإنكار أصل الوقف لإبقائه عليه ، ولو سلّم فلا يجدينا نفعا في تصحيح الرواية المبحوث عنها هنا إلّا بعد ثبوت أنّه قد رواها حال استقامته وأيّ طريق إلى ذلك.
نعم ، يمكن استفادة وثاقته ـ مع كونه واقفيّا ـ ممّا ذكر فيه (٢) من كونه واحد الوكلاء المستبدّين بمال موسى بن جعفر عليهالسلام ، فإنّه يقضي بكونه من الامناء والعدول عند الإمام عليهالسلام لعدم صلاحية غيرهم لمرتبة الوكالة.
ولكن يوهنه : أنّ غاية ما يسلّم من ذلك كونه كذلك في زمن حياة الإمام وأمّا بعده فلا ؛ لأنّ عروض الوقف له حينئذ ممّا يرفع العدالة بالمعنى الّذي اعتمد عليها الإمام ، فلم يعلم منه أنّه قد روى الرواية حال تلك العدالة موجودة أو بعد زوالها ، إلّا أن يقال : بأنّ زوال العدالة بهذا المعنى لا ينافي وجودها بالمعنى المعتبر في مذهبه ، غاية الأمر كون الرواية من جهته موثّقة ولا ضير فيه بعد قيام الدلالة على الحجّيّة.
وممّا يرشد إلى هذا المعنى ما تقدّم الإشارة إليه عن محكيّ التعليقة (٣) من إكثار الأجلّاء الثقات الرواية عنه ، ويقوّي ذلك بملاحظة ما في محكيّ التعليقة أيضا من : « أنّا لم نقف على أحد من فقهائنا السابقين تأمّل في روايته في موضع من المواضع ، ويؤيّده كونه كثير الرواية وسديدها ومقبولها وأنّ أهل الرجال ربّما ينقلون عنه ويعتدّون بقوله » (٤) الخ.
وربّما يمكن المناقشة في السند من جهة ابن مسكان لاشتراكه بين أربعة ، ليسوا ثقات بأجمعهم إلّا اثنان منهم عبد الله بن مسكان وعمران بن مسكان ، وأمّا الآخران وهما محمّد بن مسكان وحسين بن مسكان فقد صرّح فيهما بالجهالة.
ولكن يدفعه : ما قيل من أنّ الغالب في ابن مسكان « عبد الله » فلا يحمل على غيره مع احتماله إلّا بقرينة صالحة.
وأمّا أبو بصير فهو على ما في نقد الرجال (٥) كنية لأربعة ، يحيى بن القاسم وليث بن
__________________
(١) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٢١٨ ـ منتهى المقال ٤ : ٣٠٠ و ٣٠١.
(٢) رجال النجاشي : ٣٠٠ / ٨١٧ ـ رجال الطوسي : ٣٥٥.
(٣ و ٤) تعليقة الوحيد البهبهاني : ٢١٨ ـ منتهى المقال ٤ : ٣٠٠.
(٥) نقد الرجال ٥ : ١٢٥.