بعض الكلام فيها وعليها.
وأمّا سائر الأقوال فقد عرفت أنّ منها : قول ابن الجنيد ولم نقف له على مستند ، كما اعترف به غير واحد من فحول أصحابنا ، مع ما فيه من شذوذه ومخالفته الشهرة العظيمة القريبة من الإجماع بل الإجماع في الحقيقة ، حيث لا موافق له منهم مع ما قيل فيه من أنّه ما أبعد بين ما ذهب إليه باعتبار المساحة وما ذهب إليه في الوزن من اعتبار بلوغه القلّتين مع كون مبلغ تكسيره ألفا ومائتي رطل ، وقد تقدّم عن العلّامة في المختلف (١) ما يقرب من هذا الكلام على هذا القول ، وبالجملة فهو ممّا ينبغي الجزم بسقوطه ، وعدم كونه ممّا يعبأ به.
ومنها : قول الراوندي ولم نقف له أيضا على مستند ، نعم في جواهر شيخنا : « أنّ مستنده دليل المشهور من رواية أبي بصير ونحوها ، إلّا أنّه فهم منها أنّ « في » ليست للظرفيّة بل بمعنى « مع » فتبلغ عشرة ونصفا » (٢) وهو كما ترى ، فإن أراد ببلوغه إليه بلوغه بطريقة الضرب فإنّما يبلغ اثنى عشر وربعا ، وإن أراد به بلوغه بطريقة الجمع فإنّما يبلغ سبعة ، وعلى التقديرين لا ينطبق المذكور على هذا القول ، بل الوجه في هذا القول ما أشرنا إليه سابقا ـ على الظاهر ـ من ابتناء كلامه على أنّه فهم ممّا حدّ الكرّ بثلاثة أشبار ونصف في كلّ من أبعاده الثلاث من الأخبار أو فتاوى الأخيار إرادة اعتبار الجمع فيما بين بعض هذه الحدود مع بعض آخر ، خلافا للمشهور في فهم إرادة ضرب بعض في بعض ، ومثل هذا الاشتباه يتّفق كثيرا للإنسان ، كما رأيناه وسمعناه عن بعض أهل عصرنا من تلامذتنا المتردّدين إلينا ، حيث إنّه فهم عمّا حدّده المشهور طريق الجمع ، على وجه سبقت إليه من أجل ذلك شبهة أتعبتنا رفعها.
وممّا ينبّه على صدق ما فهمناه ظاهر سياق كلام العلّامة في المختلف حيث قال ـ بعد الفراغ عن ذكر احتجاجات القولين الأوّلين في المسألة ـ : « تنبيه : الظاهر أنّ الأشبار يراد ضرب الحساب فيها ، فيكون حدّ الكرّ تكسيرا اثنين وأربعين شبرا وسبعة أثمان شبر ، وقال القطب ليس المراد ذلك بل يكون الكرّ عشرة أشبار ونصفا طولا وعرضا وعمقا » (٣) انتهى.
وبالجملة : فالّذي يظهر ـ والله أعلم ـ أنّ هذا اشتباه في فهم المراد بالتحديد بثلاثة
__________________
(١) مختلف الشيعة ١ : ١٨٣.
(٢) جواهر الكلام ١ : ٣٥٧.
(٣) مختلف الشيعة ١ : ١٨٤.