وجه الاستدلال بالخبر الأخير واضح لا حاجة معه إلى البيان ، وأمّا الأوّلان فلأنّهما يقضيان بالصراحة أنّ السبعيّة ليست عنوانا يقتضي المنع عن الماء ، بل المقتضي له إنّما هو النجاسة الّتي يمتاز بها الكلب عن غيره من سائر الأنواع المذكورة في الخبرين ، ولا ريب أنّ تعليق الحكم بالنجاسة ليس إلّا من جهة أنّها تؤثّر في النجاسة ، ثمّ إنّ الحكم على الكلب بكونه رجسا نجسا وارد مورد التعليل وإن كان مقدّما في الخبر الأوّل على ما علّل به كما يشهد به التأمّل الصادق ، فيعمّ سائر النجاسات ومعه يتعدّى إليها الحكم ، فيندفع به جملة من الاعتراضات الآتية ، نعم هنا بعض آخر من الاعتراضات يعلم اندفاعه بما يأتي إن شاء الله.
وأمّا النوع الثاني فروايات كثيرة منها : ما في زيادات التهذيب في الصحيح عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهماالسلام قال : سألته عن الدجاجة والحمامة وأشباهها تطأ العذرة ، ثمّ تدخل في الماء يتوضّأ منه للصلاة؟ قال عليهالسلام : لا ، إلّا أن يكون الماء كثيرا قدر كرّ » (١).
ومنها : ما فيه في باب آداب الأحداث في الصحيح عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن الرجل يدخل يده في الإناء وهي قذرة قال عليهالسلام : « يكفئ الماء » (٢).
ومنها : ما في الكافي في الموثّق بسماعة بن مهران في باب « الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها » عن أبي بصير عنهم عليهمالسلام قال : « إذا أدخلت يدك في الإناء قبل أن تغسلها فلا بأس ، إلّا أن يكون أصابها قذر بول ، أو جنابة ، فإن أدخلت يدك في الإناء وفيها شيء من ذلك فأهرق ذلك الماء » (٣).
ومنها : ما في باب آداب الأحداث من التهذيب في القويّ عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن الجنب يحمل الركوة أو التور فيدخل إصبعه فيه؟ قال عليهالسلام : إذا كانت يده قذرة فأهرقه وإن كان لم يصبها قذر فيغتسل منه هذا ممّا قال الله تعالى (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٤).
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٥٥ ، ب ٨ من أبواب الماء المطلق ح ١٣ ـ التهذيب ١ : ٤١٩ / ١٣٢٦.
(٢) الوسائل ١ : ١٥٣ ، ب ٨ من أبواب الماء المطلق ح ٧ ـ التهذيب ١ : ٣٩ / ١٠٥ وفيه : « الإناء » بدل « الماء ».
(٣) الوسائل ١ : ١٥٢ ، ب ٨ من أبواب الماء المطلق ح ٤ ، الكافي ٣ : ١١ / ١.
(٤) الوسائل ١ : ١٥٤ ، ب ٨ من أبواب الماء المطلق ح ١١ ـ التهذيب ١ : ٣٠٨ / ١٠٣ ـ رواه ـ