ومنها : رواية زرارة قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن جلد الخنزير يجعل دلوا يستقى به الماء؟ قال : « لا بأس » (١).
وفيه : مع احتمال ورودها تقيّة احتمالا ظاهرا ، إمكان حملها على ما ليس من الاستعمالات [المشروطة] بالطهارة كسقي الدوابّ والبساتين والمزارع ، أو ورودها استعلاما لحكم البئر فتكون من أدلّة عدم انفعالها ، وهي موضوع آخر خارج عن المتنازع ، ومع الغضّ عن جميع ذلك فغير صالحة للمعارضة.
ومنها : رواية أبي مريم الأنصاري ، قال : « كنت مع أبي عبد الله عليهالسلام في حائط فحضرت الصلاة فنزح دلوا للوضوء من ركيّ له ، فخرج عليه قطعة عذرة يابسة فأكفأ (٢) رأسه وتوضّأ بالباقي » (٣).
واجيب عنها أوّلا : بقصور السند ، لجهالة « عبد الرحمن » ، واشتراك « بشير » بين مجاهيل ، وثانيا : بقصورها دلالة لعدم ظهورها في وصول العذرة إلى الماء ، لعود الضمير إلى الدلو ، ولا يمتنع استقرار العذرة عليه من دون أن تصل إلى الماء ، فأكفأ رأسه لسقوط العذرة وغسل محلّها ، كما يشعر به الحكم عليها باليبوسة ، إذ لو كانت في الماء لما بقيت يابسة ، مع احتمال كون المراد بالعذرة السرقين كما حكي احتماله عن المصابيح قائلا : « بأنّ ما ادّعاه بعض الفضلاء من اختصاصها لغة وعرفا بفضلة الإنسان استنادا إلى ما يظهر من كلام الهروي ، حيث قال : إنّ العذرة في أصل اللغة فناء الدار ، وسمّيت عذرة الإنسان بهذه لأنّها كانت تلقى في الأفنية فكنّي عنها باسم الفناء ، فيتوجّه عليه : أنّ المفهوم من الصحاح والقاموس أنّها أعمّ منها ، حيث فسّر الخرء فيهما بالعذرة ، ولا ريب أنّه أعمّ » (٤).
ويرشد إليه صحيحة ابن بزيع قال : كتبت إلى رجل أسأله أن يسأل أبا الحسن عليهالسلام عن البئر يسقط فيها شيء من العذرة كالبعرة ونحوها » ، الحديث (٥) ، وصحيحة عبد الرحمن ابن أبي عبد الله قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يصلّي وفي ثوبه عذرة من إنسان ،
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٧٥ ب ١٤ من أبواب الماء المطلق ح ١٦ ـ الفقيه ١ : ٩ / ١٤ التهذيب ١ : ٤١٣ / ١٣٠١.
(٢) أكفأ الشيء : أماله (لسان العرب ١ : ١٤١).
(٣) الوسائل ١ : ١٥٤ ب ٨ من أبواب الماء المطلق ح ١٢ ـ التهذيب ١ : ٤١٦ / ١٣١٣.
(٤) مصابيح الأحكام ـ كتاب طهارة ـ (مخطوط) الورقة : ٣٥ ، ٣٦.
(٥) الوسائل ١ : ١٧٦ ب ١٤ من أبواب الماء المطلق ح ٢١ ـ الكافي ٣ : ٥ / ١ ـ التهذيب ١ : ٢٤٤ / ٧٠٥.