الآخرين عدم اشتراطه صريحا أو ظهورا ، وهو صريح المدارك (١) ، وشرح الدروس (٢) ، وغيرهما وهو الأقرب ، لإطلاق النصّ والفتوى ، مضافا إلى أنّه لو استفيد ذلك من نصوص الباب فواضح المنع جدّا ، ولو استفيد من أخبار التغيّر بدعوى : دخول المفروض في عنوان « التغيّر » الموجب للنجاسة.
ففيه : مع أنّ الشرط الأوّل يغني عن إفراده بالذكر ، ما تقدّم تحقيقه في بحث « التغيّر » من أنّه إذا حصل في غير الأوصاف الثلاث المعهودة لم يوجب نجاسته للنصوص وإجماع الأصحاب ، ولو اريد استفادته من خبر العلل (٣) المذيّل بقوله : « إنّ الماء أكثر من القذر » كما احتمله بعضهم ، مستندا له من حيث إنّه يعطي أنّ نفي البأس عنه إنّما هو لأكثريّة الماء واضمحلال النجاسة فيه ، وحينئذ فلو زاد لدلّ على وجود شيء من النجاسة فيه وعدم اضمحلالها.
ففيه أوّلا : أنّ مستند الاشتراط إن كان ذلك فقد علم اعتباره في الشرط الرابع ؛ ضرورة أنّ المفروض ـ لو سلّم الملازمة بين زيادة الوزن وزيادة شيء من أجزاء النجاسة غير مضمحلّ فيه ـ من أفراده فلا يكون شرطا آخر يدلّ عليه.
وثانيا : أنّ ذلك أدلّ على خلاف مدّعاهم ؛ لقضائه بأنّ الماء فيه شيء من القذر ولكنّه أكثر منه ، ولا ريب أنّ ذلك يقضي بزيادة وزنه لا محالة على ما كان عليه قبل الاستنجاء ؛ ضرورة إنّه كان قبله ماء خالصا خاليا عن القذر الّذي فيه بعده ، واضمحلاله فيه لا يوجب عدم زيادته ؛ لأنّه ليس عبارة عن الانعدام الصرف ، بل هو عبارة عن انتشار أجزائه فيه بحيث لا يدركه الحسّ ، على نحو كان المجموع في نظر الحسّ ماء ، فهو سواء اضمحلّ أو لم يضمحلّ موجود فيه جزما ، وهو لا ينفكّ عن زيادة الوزن به جزما.
تنبيه : المعتبر في الشرائط المذكورة عدم العلم بوجود نقيضها ، كما سبق عن المحقّق البهبهاني (٤) التنبيه على ذلك ، فلو شكّ أو ظنّ بوجود شيء من نقيض تلك
__________________
(١) مدارك الأحكام ١ : ١٢٤.
(٢) مشارق الشموس : ٢٥٤ حيث قال : « ... ولا وزن له في نظر الاعتبار كما لا يخفى ».
(٣) الوسائل ١ : ٢٢٢ ب ١٣ من أبواب الماء المضاف ح ٢ ـ علل الشرائع ١ : ٢٨٧.
(٤) حاشية البهبهانى على المدارك ١ : ١٩٠ ـ تقدّم في الصفحة ٣٠٣.