الاختصاص بغير هذا الماء مطلقا أو في الجملة يطالب بدليل ذلك.
وأمّا الثاني : فبحكم السببيّة التامّة المستفادة من التعليق ، المقتضية لوجود الجزاء في جميع موارد وجود الشرط ، وانتفائه في كلّما انتفى فيه الشرط ـ على ما فهمه غير واحد ـ وأمّا على ما قرّرناه سابقا من عدم إمكان الحمل على كون الكرّيّة سببا تامّا فإمّا أن يكون حينئذ شرطا لعدم الانفعال ، أو ملازما له بكونه ملزوما لما هو شرط له فكذلك أيضا ، لأنّ المشروط يعدم عند عدم شرطه ، كما أنّ اللازم يعدم مع انعدام ملزومه.
ولا ينافي احتمال الشرطيّة ولا احتمال الملازمة ثبوت المشروط أو ثبوت اللازم في بعض صور انتفاء الشرط أو انتفاء الملزوم ، أو ثبوت نقيض اللازم في بعض صور وجود الملزوم ، كما في المستعلي ، وماء الاستنجاء ، وماء الجاري في الأوّلين ، والمتغيّر بالنجاسة في الأخير ؛ لأنّ الشرطيّة والملازمة ليستا بعقليّتين لئلّا يمكن فيهما التقييد ولا التخصيص ، بل هما شرعيّتان ثابتتان بالأدلّة اللفظيّة فتكونان قابلتين للتخصيص كدليلهما ، فيقال على احتمال الشرطيّة أنّ الكرّيّة شرط لعدم الانفعال إلّا في العالي وغيره ممّا ذكر ، وعلى احتمال الملازمة وجودا وعدما أنّ الكرّيّة تلازم عدم الانفعال إلّا في صورة التغيّر ، وأنّ انتفاء الكرّيّة يلازم الانفعال إلّا في صورة العلوّ والاستنجاء والجريان.
فأقصى ما ثبت بالدليل إنّما هو تقييد كلّ من الشرطيّة والملازمة بالقياس إلى الموارد المذكورة ، وأمّا أنّه لا ينفعل أيضا في صورة إزالة النجاسة مع القلّة مطلقا ، أو في الغسلة المطهّرة خاصّة فهو تقييد آخر في مفاد الشرطيّة وفي الملازمة الثانية ، ويحتاج إلى الدليل فمن يدّعيه مطالب بالدليل.
وأمّا الثالث : فلأنّ الملاقاة المفهومة من الرواية منطوقا ومفهوما لها أحوال ، منها كونها مستتبعة لزوال النجاسة عن المحلّ ، وهي مطلقة بالنسبة إلى أحوالها ، فدعوى : أنّها لا تؤثّر في الانفعال حال استتباعها لطهارة المحلّ تقييد لها بما عدا تلك الحالة ، فلا تسمع إلّا بدليل.
وأمّا الثاني : فلأنّ أقصى ما يتصوّر كونه مخرجا لمحلّ البحث عن عموم الأدلّة ، إنّما هو شبهة عدم إمكان كون المزيل للنجاسة متأثّرا بتلك النجاسة وإلّا لا يزيلها بل يؤكّدها ولا يفيد المحلّ إلّا تنجّسا ، وهو خلاف ما قطع بالشرع من صلاحيّة الماء القليل