يوافقه على طهارة الغسالة من الغسلة المطهّرة في الثوب خاصّة ، أو مطلق المتنجّسات.
وعنه ـ الاحتجاج على الطهارة مطلقا في الآنية ـ : بأنّ الحكم بالنجاسة يحتاج إلى دليل وليس في الشرع ما يدلّ عليه ، وبأنّه لو حكم بالنجاسة لما طهّر الإناء أبدا ، لأنّه كلّما غسل فما يبقى فيه من النداوة يكون نجسا ، فإذا طرح فيه ماء آخر نجس أيضا ، وذلك يؤدّي إلى أن لا يطهر أبدا.
ولا يخفى ما في الأوّل من التدافع بينه وبين ما أقامه دليلا على نجاسة الغسلة الاولى في الثوب ، ومع الغضّ عن ذلك فيردّه ما لم نقصر في تقريبه وتتميمه من الدليل المقتضي للنجاسة ، ولا حاجة إلى الإعادة والتكرار ، كما تبيّن اندفاع وجهه الثاني أيضا بما عرفته بما لا مزيد [عليه] (١) من عدم المنافاة بين حصول الطهر المسبّب عن الغسل وانفعال الماء الّذي يستعمل في ذلك بسبب الملاقاة ، فإذا دلّ الدليل عليهما معا يجب القول بهما كذلك إلى أن يقوم الدليل بخلافه ، وسيلحقك زيادة توضيح في ذلك عند دفع حجج القول بالطهارة مطلقا ، مضافا إلى ما مرّ.
وأمّا رابعها : فالقول بالطهارة مطلقا ، ويلزمه أن يكون حكمها حكم المحلّ بعد الغسل ، من غير فرق في ذلك بين الغسلة الاولى والثانية ، ولا بين الثوب والآنية ، ولا بين الورودين ، بل مقتضى مقابلة هذا القول في كلام الشهيد في الدروس (٢) حسبما تقدّم ذكره للقول بالفرق بين الورودين ، أن لا يفرّق بين ورود الماء على المتنجّس وعكسه.
ومن هنا يتّجه أن يقال : بعدم وجود قائل به فيما بين أصحابنا ، وقد تقدّم في عبارة الشيخ في المبسوط (٣) إشعار بذلك ، فما في المدارك (٤) من اختصاص القول بالطهارة بصورة ورود الماء ممّا لم يعرف وجهه ، كما أنّ ما في الحدائق عن والده ـ في دفع ما ادّعاه في المدارك ـ من أنّه : « لا يخفى ما فيه ، لأنّ من جملة القائلين بطهارة الغسالة من قال بعدم نجاسة القليل مطلقا بالملاقاة ، ومن المعلوم أنّه لا يظهر للشرط وجه » (٥) ممّا لا وجه له ، فإنّ القول في المسألة إنّما يؤخذ من المتنازعين فيها ، والعماني مع من وافقه خارج عن أصل هذا النزاع ، لابتنائه على القول بنجاسة القليل بالملاقاة ولو في الجملة.
__________________
(١) زيادة يقتضيها السياق.
(٢) الدروس الشرعيّة ١ : ١٢٢.
(٣) المبسوط ١ : ٩٢.
(٤) مدارك الأحكام ١ : ١٢٢.
(٥) الحدائق الناضرة ١ : ٤٨٤.