مطلقا (١) ، وحكي عن ظاهر الشهيد في الذكرى أيضا ـ كما في المدارك (٢) ـ واختاره بعض مشايخنا قدسسره (٣) مع اشتراطه ورود الماء ، فهو في الحقيقة اختار القول الآتي في المسألة وهو خامس الأقوال.
وكيف كان فالقول الرابع هو القول بالطهارة مطلقا من غير فرق حتّى بين الورودين ، وأمّا أدلّة هذا القول.
فمنها : ما أشار إليه في المدارك (٤) من الأصل السالم عمّا يصلح للمعارضة ، نظرا إلى أنّ الروايات المتضمّنة لنجاسة القليل بالملاقاة لا تتناول ذلك صريحا ولا ظاهرا ، وتخرج الروايات الدالّة على طهارة ماء الاستنجاء شاهدا ، وبملاحظة جميع ما مرّ يظهر ضعف ذلك بل كونه في غاية الضعف.
ومنها : أنّه لو انفعل لم يطهّر المحلّ ، والتالي باطل إجماعا فكذا المقدّم ، وهذا الوجه وان لم يصرّح بالاستدلال به في هذا المقام ، وإنّما صرّح به في كلام السيّد في مسألة انفعال القليل بالقياس إلى الفرق بين الورودين ، ولكن يمكن إجراؤه في المقام لعموم مفاده ، بل جريانه ثمّة مبنيّ على نهوضه دليلا هنا ، كما لا يخفى.
ولكن لقائل أن يقول : إنّه لو تمّ لم يكن قاضيا بالطهارة إلّا في الغسلة الثانية المزيلة لنجاسة المحلّ ، لمنع بطلان التالي إذا قرّر لإثبات الطهارة في الغسلة الاولى أيضا ، فيكون أخصّ من المدّعى ، ولذا عدل عنه الاستاذ مدّ ظلّه في شرح الشرائع (٥) ، فقرّره على وجه يعمّ الغسلتين ، وهو أنّه لو كان نجسا لم يؤثّر في التطهير.
والجواب : بمطالبة دليل الملازمة ، وهو لا يخلو إمّا قاعدة « اشتراط طهارة الماء في إزالة النجاسة » ، أو قاعدة « أنّ المتنجّس لا يطهّر » وهي أخصّ من الاولى ، أو قاعدة « تنجّس ملاقي النجس » ، ولا سبيل إلى شيء منها ، سواء استند فيها إلى الإجماعات المنقولة ، أو إلى الإجماع المحصّل ، أو إلى تتبّع الأخبار الجزئيّة الواردة في الموارد الخاصّة من أبواب الطهارات.
__________________
(١) حكاه عنه في الحدائق الناضرة ١ : ٤٨٣.
(٢) مدارك الأحكام ١ : ١٢٢ ـ ذكرى الشيعة ١ : ٨٥ حيث اعترف بأنّه لا دليل على النجاسة سوى الاحتياط.
(٣) كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري رحمهالله ـ ١ : ٣٣٨.
(٤) مدارك الأحكام ١ : ١٢٢.
(٥) كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري رحمهالله ١ : ٣٢٧.