ومن هنا اعترض عليه في المدارك : « بأنّ ضعفه ظاهر : لأنّ ذلك يقتضي انفكاك المعلول عن علّته التامّة ، ووجوده بدونها ، وهو معلوم البطلان » (١) فإنّه متّجه قطعا ، ولا يمكن التفصّي عنه ، ومراده بالعلّة هي الملاقاة حسبما اقتضته الأدلّة وكلام الأعلام ، فما في حاشية هذا الكلام للمحقّق البهبهاني من : « أنّه لا يخفى أنّه لم يظهر أنّ العلّة ما هي؟ حتّى يعترض عليه بذلك » (٢) ليس على ما ينبغي.
وأمّا الكلام في اعتبار الورود وعدمه ، فهو ممّا لا يتعلّق بالمقام ، ويأتي البحث عنه في محلّه.
وأمّا سادسها : فالقول بالنجاسة مطلقا وإن كان بعد طهارة المحلّ ، بمعنى : أنّ الماء المنفصل عن كلّ غسلة نجس ، وإن ترامت الغسلات إلى ما لا نهاية له ، وعن الشهيد في حاشية الألفيّة : « أنّه حكاه عن بعض الأصحاب » (٣).
وفي الحدائق : « عن الشيخ المفلح الصيمري ـ في شرح كتاب موجز الشيخ ابن فهد ـ أنّه نقل عن مصنّفه أنّه نقل في كتاب المهذّب والمقتصر هذا القول عن المحقّق والعلّامة ، وابنه فخر الدين ، ثمّ نسبه في ذلك إلى الغلط الفاحش والسهو الواضح » (٤) انتهى.
ولعلّه إلى ابن فهد يشير ما في المدارك ـ بعد نقله هذا القول ـ : « من أنّه ربّما نسب إلى المصنّف والعلّامة » ـ ثمّ ردّه بقوله : « وهو خطأ ، فإنّ المسألة في كلامهما مفروضة فيما يزال به النجاسة ، وهو لا يصدق على الماء المنفصل بعد الحكم بالطهارة » (٥).
وعن الروض ـ أنّه بعد ما نقل القول المذكور ، نقل : « أنّه قائله » يعني ابن فهد (٦)
وكيف كان : هذا القول ـ مع أنّه غريب مقطوع بفساده ، لمخالفته الاصول المحكمة ، والقواعد المتقنة وغيرها من الأدلّة الشرعيّة ، فالمحكيّ من حجّته أيضا قاصر عن إفادته ، وهو : أنّه ماء قليل لاقى نجاسة.
وبيانه : أنّ طهارة المحلّ بالقليل على خلاف الأصل ـ المقرّر من نجاسة القليل
__________________
(١) مدارك الأحكام ١ : ١٢١.
(٢) حاشية البهبهاني على مدارك الأحكام ١ : ١٨٦.
(٣) المقاصد العليّة وحاشيتا الألفيّة : ١٦٢ ـ ٤٧٥ ؛ أيضا حكاه عنه في روض الجنان : ١٥٩.
(٤) الحدائق الناضرة ١ : ٤٨٥.
(٥) نسبه إليهما الشهيد في ذكرى الشيعة ١ : ٨٤.
(٦) لم نجده في روض الجنان.