المنع عن الماء الّذي اغتسل به ، غايته أنّه يفهم من بعض كلماتهم ـ كما نقلنا ـ عدم المنع من القطرة والرشحة ، وهذا لا يستلزم كون النزاع فيما ذكره ، بل الظاهر ما ذكرناه » (١)
وفيه : ما فيه ممّا مرّ ، ومن أنّه قائل لنفسه.
ثمّ إنّه بعد ما ذكر هذا الكلام ، ذكر : « أنّ ما ذكره العلّامة في النهاية من التفسير المتقدّم يؤيّده ما ذكرناه » (٢) وهو أيضا كما ترى فإنّ كلام العلّامة ظاهر في اعتبار أمرين ، أحدهما : الانفصال عن جميع البدن ، لمكان تعبيره بالأعضاء الظاهر في العموم ، وثانيهما : اعتبار الجمع بين ما انفصل عن كلّ واحد من الأعضاء ، وبذلك يفارق ما عرفت عن المدارك عنه ، فإنّه ظاهر في اعتبار القطرة أيضا ، لأنّ كلّ واحد من القطرات المنفصلة عن الأعضاء ماء قليل منفصل عن عضو الطهارة.
فتلخّص بما ذكر : أنّ التفاسير الأربع المذكورة بينها شيء هو ما به اشتراكها ، وشيء آخر هو ما به امتيازها.
أمّا الأوّل : فأمران ، أحدهما : الدلالة على اعتبار الانفصال عن العضو ، وثانيهما : الدلالة على خروج فضل الماء الّذي يتطهّر به عن المتنازع فيه ، وهو كذلك وإن كان الأوّل منظورا فيه ، لما أشرنا إليه وستعرف تفصيله.
وأمّا الثاني : فلأنّ ما في المدارك ظاهر في كون القطرة بانفرادها أيضا من محلّ النزاع بخلاف الثلاث الباقية ، غير أنّها أيضا تمتاز بأنّ ما في النهاية ظاهر في اعتبار الانفصال عن جميع البدن بخلاف الباقيين ، فإنّ ما عن صاحب المعالم ظاهر في اعتبار أحد الأمرين من الانفصال عن جميع البدن والانفصال من أكثره ، وما في شرح الدروس ظاهر بل صريح في اعتبار أحد الامور الثلاث من الانفصال عن جميع البدن أو أكثره أو ما دون الأكثر ممّا زاد على القطرة.
فما في المدارك أعمّ من الجميع لظهوره في اعتبار أحد الامور الأربع ، الّتي منها القطرة المنفصلة ، وهو الأظهر بملاحظة بعض أدلّة الطرفين ، فإنّ المجوّزين للتطهير بذلك يستدلّون بأنّه ماء مطلق ولم يسلبه الاستعمال إطلاق الاسم ، فيجب أن يكون مجزيا في التطهير المعلّق على الماء المطلق ، وهو كما ترى متناول للقطرة أيضا ، إذا
__________________
(١ و ٢) مشارق الشموس : ٢٤٩.