من بدنه في الماء ، فلا بأس » (١) قائلا : « بأنّ هذا يشعر بما ذكرنا ، ولا يخفى أنّه لو كان النزاع فيه ـ يعني في مثل القطرة أيضا ـ يكون الروايات المتقدّمة آنفا ـ يعني ما أقامه من الأخبار دليلا على طهارة هذا الماء ، وسيأتي بيانها ـ من روايتي الفضل ، ورواية شهاب ، ورواية سماعة ، ورواية عمر بن يزيد ، دالّة على ما اخترناه من جواز رفع الحدث (٢) الخ ».
وأنت خبير بما فيه من اعتماده في تشخيص محلّ النزاع على مجرّد الإشعار ، إن أراد به ما دون الدلالة المعتبرة ، وإلّا فأصل الإشعار ممنوع ، إذ لا منافاة بين اعتقاد الصدوق بكون مثل القطرة من محلّ النزاع وبين ما ذكره في الفرع المتقدّم ، لجواز ابتناء ذلك الفرع على حصول الاستهلاك ، وخروج القطرة الواقعة في الإناء عن عنوان المستعمل بذلك الاستهلاك ، مع كونها في حدّ ذاتها من محلّ النزاع.
وإنّما يظهر الفائدة فيما لو كانت القطرة ممتازة غير مستهلكة في شيء ، فحينئذ لو أخذت من محلّها وجعلت جزءا من ماء الغسل ، بأن يغسل بها جزء من أعضاء الطهارة ، كان منع المانعين عن التطهير بغسالة الجنب مثلا شاملا له ، على تقدير دخولها في محلّ النزاع.
ومن هنا ينقدح ضعف ما ذكره بالنسبة إلى الروايات من دلالتها على مختاره ، فإنّ الدلالة على جواز التطهير فرع المنافاة بين القول بعدم جوازه ومفاد تلك الروايات ، وقد بيّنّا انتفاء المنافاة.
وبذلك أيضا يظهر وهن ما احتجّ به ثانيا ـ على ما زعمه من خروج مثل القطرة عن محلّ النزاع : « من أنّ الشيخ رحمهالله مع كونه من المانعين روى أكثر هذه الروايات في التهذيب ، ولم يتعرّض لردّ أو تأويل وإيراد معارض ، فهذا أيضا يشعر بعدم الخلاف فيه » (٣) فإنّ تجشّم هذه الامور إنّما هو بعد المنافاة ، وهذه الروايات قد وردت في مورد خرج عن مسمّى المستعمل بالاستهلاك ، وإنّما يقول الشيخ بالمنع في المستعمل ما دام هذا الوصف لا مطلقا ، فالموضوع متعدّد ومعه لا يعقل التنافي ليوجب تجشّم أحد الامور المذكورة.
ثمّ ، إنّه احتجّ على الأمر الثاني : « بأنّه لا دليل على ذلك ، إذ عباراتهم مطلقة في
__________________
(١) الفقيه ١ : ١٦.
(٢ و ٣) مشارق الشموس : ٢٤٩.