المرتضى في بحث المضاف ، وإن كان ذلك منه في غير محلّه.
وخامسها : عموم ما دلّ على أنّ الماء مطهّر ، كقوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) (١) ونحوه ، والأولى أن يقال في تقريبه : بأنّ العمومات الواردة في طهوريّة الماء كتابا وسنّة ، مضافة إلى الأدلّة الحاكمة عليها المخصّصة لها في موارد مخصوصة ، قد قضت بأنّ الماهيّة المائيّة من حيث هي مقتضية للطهوريّة ما لم يصادفها ما يمنعها عن الاقتضاء ، ويرفع الطهوريّة عنها من العوارض الخارجيّة ، وكون عروض الاستعمال في الحدث الأكبر من جملة الروافع ، ممّا لم يقم عليه من الشرع دلالة معتبرة ، وما اقيم فيه من الدلالة ليست بمعتبرة كما سنبيّنه ، فالمقتضي للطهوريّة عند استعمال الماء المفروض موجود ، والمانع مفقود ، فيجب القول بها.
وما عساه يناقش في ذلك : بأنّ أقصى ما يلزم من ذلك أنّ الماهيّة المائيّة متّصفة بالطهوريّة ، وأمّا أنّها بمعنى رفع الحدث أو الخبث أو هما معا فلا ، فتكون مجملة. سلّمنا أنّها بمعنى رفع الحدث أو مطلقا ، ولكنّه أعمّ من دفعه مرّة أو مرارا ، فلا دلالة فيها على الثاني.
يندفع : بأنّها من حيث هي من الجهة الاولى وإن كانت مجملة ، غير أنّ الأدلّة الخارجيّة قد بيّنها وكشفت عن كونها بالمعنيين معا ، فالماهيّة المائيّة بموجب تلك الأدلّة رافعة للحدث في موارده ، ومزيلة للخبث في محالّة ، وأمّا كون ذلك حاصلا منه مرارا ـ على ما هو من محلّ النزاع ـ فيثبت بمقتضى ما بيّنّاه من كون الوصفين تابعين لأصل الماهيّة مع فرض بقاء الماهيّة في مفروض المسألة ، إذ الكلام فيما لو بقي الإطلاق ، فإذا كانت الماهيّة باقية فهي بنفسها مقتضية للتكرار ، ولا حاجة معه إلى دلالة اخرى.
وبذلك يستغني عمّا قيل في الذبّ عن نظير تلك المناقشة ، من أنّ صيغة « فعول » للتكرار ، فإذا قيل : « فلان ضروب » ، كان معناه : أنّه يكثر منه الضرب ، كما حكي الإشارة إليه أيضا عن الشهيدين في مقام الاحتجاج على الجواز ، بتقريب : أنّ الطهور يتكرّر منه الطهارة ، مع أنّه في أصله فاسد لابتنائه على كون طهور في الآية وغيرها للمبالغة.
وقد تقدّم في مفتتح الكتاب منعه كما أنّ بما بيّنّا من تقريب الاستدلال ـ مضافا إلى ما قرّرناه في دفع المناقشة المشار إليها ـ يندفع ما قيل في المناقشة في عموم الآية
__________________
(١) الفرقان : ٤٨.