موضع مظنّة التيمّم ، جاز استعماله في غير موضع مظنّته بالإجماع المركّب ، ويبقى الكلام حينئذ في إثبات هذا الإجماع ليثبت به الملازمة المذكورة ، وهو محلّ تأمّل.
وثامنها : ما احتجّ به العلّامة في المختلف : « من أنّه لو لم يجز إزالة الحدث به لم يجز إزالة النجاسة به ، والثاني باطل ، أمّا أوّلا : فلأنّ الخصم قد سلّم إزالة النجاسة به ، وأمّا ثانيا : فلأنّه ماء طاهر ، فجاز إزالة النجاسة به للأمر بالغسل على الإطلاق.
وأمّا بيان الشرطيّة : فلأنّ النجاسة العينيّة نجاسة حقيقيّة ، والحدث نجاسة حكميّة ، ورافع أقوى النجاستين يجب أن يكون رافعا لأضعفهما » (١) وهو واضح الضعف ، لوضوح منع الملازمة ، ببطلان دعوى الأقوائيّة في النجاسة العينيّة والأضعفيّة في خلافها ، بل القضيّة عند التحقّق منعكسة ، ولذا يغتفر الأوّل في الصلاة في كثير من صورها بخلاف الثاني ، إذ لا يغتفر أصلا إلّا إذا قارن ارتفاع التكليف عن الصلاة بالمرّة ، وكذلك يتسامح في الأوّل بما لا يتسامح في الثاني ، ولذا ترى أنّ زوال الأوّل يحصل بالماء المغصوب ، وبمباشرة الغير ، وبإجبار الغير عليه بخلاف الثاني ، مع أنّ اختلاف حكميهما كمّا وكيفا من أقوى الشواهد بانتفاء الملازمة فيما بينهما شرعا.
وتاسعها : ما احتجّ به في المختلف أيضا ، من « أنّ زوال الطهوريّة عن هذا الماء مع ثبوتها في المستعمل في الصغرى ممّا لا يجتمعان ، والثاني ثابت بالإجماع فينتفي الأوّل ، والدليل على التنافي : أنّ رفع الحدث مع طهارة المحلّ إمّا أن يقتضي زوال الطهوريّة عن هذا الماء أو لا يقتضي ، وأيّا ما كان يلزم عدم الاجتماع ، أمّا على التقدير الأوّل : فلاقتضائه زوال الطهوريّة عن المستعمل في الصغرى ، وأمّا على التقدير الثاني : فلعدم صلاحية علّيّته لإزالة الطهوريّة عن محلّ النزاع ، ولا مقتضي للإزالة سواه ، فيكون الإزالة منتفية عملا بأصالة طهوريّة الماء ، السالمة عن معارضة العلّيّة » (٢) وهذا كما ترى أضعف من سابقه ، فإنّ دعوى عدم اجتماع الحكمين مع تعدّد موضوعيهما كما ترى ، إذ ملاحظة رفع الحدث بعنوان كلّي في بيان عدم الاجتماع ممّا لا معنى له ، بعد ملاحظة أنّه في الصغرى موضوع ، وفي الكبرى موضوع آخر مغاير للأوّل ، وإنّما يختلف الموضوعان باختلاف الإضافة المختلفة بحسب اختلاف المضاف إليه ، فإنّ الحدث
__________________
(١) مختلف الشيعة ١ : ٢٣٥.
(٢) مختلف الشيعة ١ : ٢٣٦.