الأربع حينئذ ممّا لا يتصوّر بالنسبة إلى الوضوء ، واحتمال كون التوضّي مرادا به هنا الاغتسال ، كما ترى ممّا لا يصغى إليه.
وأمّا الثاني : فلأنّ قوله عليهالسلام : « فإن خشي أن لا يكفيه » وإن كان بالقياس إلى ما قبله مجملا ، من حيث احتمال كونه أمرا بالعدول عن نضح الأكفّ في موضع خشية عدم كفاية الباقي من الماء إلى الغسل والمسح اللذين أمر بهما ، فيكون تنبيها على سقوط النضح حينئذ ، واحتمال كونه أمرا بالكيفيّة المذكورة في موضوع الخشية بعد الفراغ عن نضح الأكفّ ، ويكون حاصل المعنى : أنّه إذا صنع النضح كما فصّل فصادف خشية عدم كفاية الباقي فليفعل في طهارته هكذا.
ومنشأ الاحتمالين أنّ الخشية إذا قسناه إلى نضح الأكفّ قبلا وبعدا لا بدّ له من متعلّق مقدّر ، فإمّا أن يكون المعنى : إن خشي قبل أن ينضح أن لا يكفيه ليفعل هكذا ، وإمّا أن يكون أنّه إن خشي بعد ما فرغ عن النضح أن لا يكفيه ليفعل هكذا ، فعلى الأوّل يكون النضح المأمور به معلّقا ، وعلى الثاني يكون مطلقا ، وعلى التقديرين فهو بالقياس إلى ما بعده مفصّل ، لتضمّنه تعليم كيفيّة الغسل والوضوء في محلّ خشية عدم كفاية الباقي من النضح ، مع حصول النضح أو عدم حصوله.
وأيّا ما كان فالوضوء بقرينة التفصيل اللاحق مندرج في الحكم السابق ، سواء اعتبرناه معلّقا أو مطلقا ، وقد عرفت أنّ نضح البدن في جهاته الأربع بالنسبة إلى الوضوء ومريد التوضّي ، ممّا لا معنى له.
فالإنصاف : أنّ المراد بالنضح الوارد في الروايات إنّما هو نضح الأرض ، بدلالة ما قرّرناه ، لكن الكلام يبقى في الحكمة الباعثة عليه ، والّذي يترجّح في النظر القاصر أنّه لأجل إزالة أثر أقدام السباع الّتي منها الكلب والخنزير ، المتوهّم انطباعه على جوانب الساقية أو النقيع من الأرض ، المحتمل بقاؤه بعد ذهابهنّ عن الماء ، لئلّا ينكشف فساد الماء بعد استعماله في الغسل أو الوضوء ، لمكان كونه قليلا قابلا للانفعال بمباشرة نجس العين ، فإنّ الإنسان ربّما يستعمل الماء فيهما ، فيتبيّن له بعده من آثار أقدامهنّ في حوالي الماء وجوانبه الأربع ما تكون ملزوما للعلم العادي بمباشرتهنّ الماء ، فيفسد عليه الطهارة ، ويشقّ عليه الأمر في تطهير ثيابه وأعضاء طهارته مع قلّة الماء وإعوازه.