يمينك ، وعن يسارك ، وبين يديك وتوضّأ » (١) ، وفي رواية أبي بصير : « إن عرضك في قلبك شيء فافعل هكذا ، يعني افرج الماء بيديك ثمّ توضّأ » (٢) وتمام الحديث قد تقدّم في بحث انفعال القليل.
وعن بعضهم القول : بأنّ محلّ النضح هو الأرض ، والحكمة فيه عدم رجوع ماء الغسل ، لكن لا من جهة كونه غسالة بل من جهة النجاسة الوهميّة الّتي في الأرض فالنضح إنّما هو لإزالة النجاسة الوهميّة منها.
وعن الآخر القول : بأنّ الحكمة إنّما هي رفع ما يستقذر منه الطبع من الكثافات ، بأن يؤخذ من وجه الماء أربع أكفّ وينضح على الأرض ، نسبه في الحدائق (٣) إلى صاحب المدارك في حاشية الاستبصار ، ولكن عبارته المتقدّمة يأباه كما لا يخفى. وعن بعضهم أيضا أنّ المراد بمحلّ النضح البدن ، لكن الحكمة فيه ترطيب البدن قبل الغسل لئلّا ينفصل عنه ماء الغسل كثيرا ، فلا يفي بغسله لقلّة الماء ، وعن الآخر : أنّ المراد نضح البدن لحكمة إزالة توهّم ورود الغسالة ، إمّا بحمل ما يرد على الماء على وروده ممّا نضح على البدن قبل الغسل الّذي ليس من الغسالة ، وإمّا أنّه مع الاكتفاء بالمسح بعد النضح لا يرجع إلى الماء شيء.
وعن صاحب المنتقى : « أنّ عجز الخبر ـ يعني صحيحة عليّ بن جعفر المتقدّمة ـ صريح في نفي البأس ، فحكم النضح للاستحباب » (٤) ، وغرضه بذلك أنّ النضح سواء اريد به نضح الأرض أو البدن ، ليس لحكمة ما قيل من عدم انحدار ما ينفصل من البدن إلى الماء ، وهذا مبنيّ على توهّم دلالة الرواية على عدم المنع عن استعمال المستعمل ، كما أنّ القول المنقولين في المعتبر وغيره مبنيّان على القول بالمنع.
أقول : أمّا القول بأنّ المراد نضح البدن بجميع محتملاته بالنسبة إلى الحكمة ، فممّا ينبغي القطع ببطلانه ، لدلالة صريح رواية الكاهلي ، وظاهر صحيحة عليّ بن جعفر بذلك.
أمّا الأوّل : فلمكان قوله عليهالسلام ـ بعد الأمر بالنضح ـ : « وتوضّأ » ضرورة : أنّ الجوانب
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢١٨ ب ١٠ من أبواب الماء المضاف ح ٣ ـ الكافي ٣ : ٣ / ١.
(٢) الوسائل ١ : ١٦٣ ب ٩ من أبواب الماء المطلق ـ ح ١٤ ـ التهذيب ١ : ٤١٧ / ١٣١٦.
(٣) الحدائق الناضرة ١ : ٤١٦.
(٤) منتقى الجمان ١ : ٦٨.