المكان خلاف عندهم.
وأمّا في الوضوء ، فقالوا : لا يجوز صرف البلل الّذي في اليمنى إلى اللمعة الّتي في اليسرى ، لأنّ البدن في الجنابة كالعضو الواحد فافترقا ، وليس للشيخ فيه نصّ ، والّذي ينبغي أن يقال على مذهبه عدم الجواز في الجنابة ، فإنّه لم يشترط في المستعمل الانفصال » (١) انتهى.
وكأنّه أخذ بإطلاق كلامه في المنع ، كما نبّه عليه بقوله : « ليس له فيه نصّ » وإلّا فقضيّة عدم النصّ جريان احتمال الأمرين معا في كلامه لا تعيّن أحدهما ، غير أنّه لا يخفى ما فيه ، مع ما ذكره من التعليل بناء على قول الحنفيّة من التهافت ، فإنّه لو صلح علّة لاشتراط الانفصال على مذهب الحنفيّة لجرى على مذهب الشيخ أيضا ، إذ ليس في كلام الشيخ إلّا الاستعمال ، والمفروض أنّه عنوان متوقّف صدقه بمقتضى تلك العلّة على الانفصال.
وكيف كان فعن جمع ممّن تأخّر إنكار النسبة المذكورة إلى الشيخ ، لعدم تصريحه بها في كتبه المشهورة ، مع استلزام ذلك عدم الاجتزاء بإجراء الماء في الغسل من محلّ إلى آخر بعد تحقّق مسمّاه ، وهو بمحلّ من البعد بل البطلان ، كما لا يخفى على من لاحظ الأخبار الواردة في كيفيّة الغسل من الجنابة ، وقد يعلّل البطلان بلزوم تعذّر الغسل لو لا الاجتزاء ، وهو في الجملة في محلّه كما ستعرفه.
والأولى أن يقال ـ في تحرير المقام ـ : إنّ المستعمل في طهارة ، قد يكون مستعملا في عضو من الطهارة ، أو جزء من العضو فاريد استعماله في عضو آخر منها ، أو جزء آخر من العضو ، وقد يكون مستعملا فيه أو في طهارة كاملة ، فاريد استعماله في طهارة اخرى ، وهذا هو القدر المتيقّن من مراد المانع عن الاستعمال الثاني.
وأمّا الأوّل : فقد يكون منفصلا عن العضو أو الجزء المغسولين ، بأن يؤخذ بعد انفصاله ويغسل العضو أو الجزء الآخر ، وقد لا يكون منفصلا عنه ، وعلى الثاني فقد يكون مستقرّا على العضو أو الجزء اللذين هو فيهما ، فاريد إمراره فيهما إلى العضو أو الجزء الباقي ، وقد لا يكون مستقرّا بل هو سائل ، فاريد إمراره حال السيلان إلى ما لا يسيل عليه عادة ، وهذا هو القدر الّذي يمكن دعوى القطع بخروجه عن المتنازع
__________________
(١) منتهى المطلب ١ : ١٣٩.