المنع ـ على تقدير صحّتها سندا ودلالة ـ برفع الحدث ، وإلّا فبعض أدلّتهم يعمّ البابين كما لا يخفى على المتأمّل.
وكيف كان : فالخلاف في إزالة الخبث بذلك الماء غير متحقّق بين أصحابنا ، ولا حكاه عنهم صريحا أحد منّا ، نعم في عبارة الشهيد المحكيّة عن الذكرى ما يوهم ذلك ، حيث قال : « جوّز الشيخ والمحقّق إزالة النجاسة به ، لطهارته ، وبقاء قوّة إزالته الخبث ، وإن ذهب قوّة رفعه الحدث ، وقيل : لا ، لأنّ قوّته استوفيت فالتحق بالمضاف » (١) انتهى.
وربّما يوجّه ذلك ، ـ كما عن صاحب المعالم (٢) ـ باحتمال أن يكون المنقول عنه بعض المخالفين ، كما يشعر به التعليل الواهي ، وكيف كان فما ادّعاه العلّامة من الإجماع لا يخلو عن وصمة الشبهة ، وإن كان يؤيّده ظهور العناوين ، ولكن الحكم في حدّ ذاته كما ذكره ، بلا إشكال فيه ولا شبهة تعتريه بالنظر إلى ما قدّمناه من الأدلّة ، ولك أن تستند إلى الأولويّة بالقياس إلى رفع الحدث صغيرا وكبيرا كما لا يخفى.
ورابعها : الأقرب على المختار من طهوريّة المستعمل في رفع الحدث ، كراهية استعماله في رفع الحدث ثانيا ، وفاقا للشهيد في الدروس (٣) ، والخوانساري في شرحه (٤) عملا بما تقدّم من رواية عبد الله بن سنان (٥) ، وإن ضعف سندها بناء على التسامح ، وخصوص الرواية المرويّة عن الكافي (٦) ، الّتي قدّمنا ذكرها في ذيل غسالة الوضوء ، والظاهر أنّه لا يخالف فيه أحد.
وخامسها : يظهر من العلّامة في المنتهى عدم اشتراط الانفصال عند المانعين من أصحابنا في صدق الاستعمال ، ولكن عبارته في هذا المقام غير خالية عن التهافت ، فإنّه قال : « لو اغتسل من الجنابة ، وبقيت في العضو لمعة لم يصبها الماء ، فصرف البلل الّذي على العضو إلى تلك اللمعة جائز ، أمّا على ما اخترناه نحن فظاهر ، وأمّا على قول الحنفيّة فكذلك ، لأنّه إنّما يكون مستعملا بانفصاله عن البدن ، وفي اشتراط استقراره في
__________________
(١) ذكرى الشيعة ١ : ١٠٤.
(٢) فقه المعالم ١ : ٣٣٦ حيث قال ـ بعد نقل عبارة الشهيد ـ : « وكلامه هذا ليس فيه تصريح بأنّ القائل من الأصحاب ».
(٣) الدروس الشرعية ١ : ١٢٢.
(٤) مشارق الشموس : ٢٤٨.
(٥) الوسائل ١ : ٢١٥ ب ٩ من أبواب الماء المضاف ح ١٣.
(٦) الوسائل ١ : ٢١٩ ب ١١ من أبواب الماء المضاف والمستعمل ح ٢ ـ الكافي ٦ : ٥٠٣ / ٣٨.