من ماء في وهدة وخشيت أن يرجع ما ينصبّ عنك إلى المكان الّذي تغتسل فيه ، أخذت كفّا وصببته عن يمينك ، وكفّا عن يسارك وكفّا خلفك وكفّا أمامك واغتسلت » (١) ولا عبارة الشيخ في النهاية : « متى حصل الانسان عند غدير أو قليب ولم يكن معه ما يغترف به الماء للوضوء ، فليدخل يده فيه ، ويأخذ منه ما يحتاج إليه ، وليس عليه شيء ، وإن أراد الغسل للجنابة وخاف أن نزل إليها فساد الماء ، فليرشّ عن يمينه ويساره وأمامه وخلفه ، ثمّ ليأخذ كفّا من الماء فليغتسل به » (٢) فإنّ كلّ ذلك تأدية بما يوافق متون الروايات في الجملة لما فيه من الأغراض والحكم.
فما في الحدائق : « من أنّ أمثال هذه الامور صريحة في التخصيص بالجنابة » (٣) ، ليس ممّا ينبغي الالتفات إليه ، بل التعبير عن عنوان المسألة بما يرفع الحدث تصريح بخروج المستعمل في الأغسال المندوبة عن المتنازع فيه ، وعن الشيخ في الخلاف : « نفي الخلاف عنه » (٤) ويظهر ذلك عن منتهى العلّامة قائلا : « المستعمل في الأغسال المندوبة ، أو في غسل الثوب ، أو الآنية الطاهرين ليس بمستعمل ، لأنّ الاستعمال لم يسلبه الاطلاق ، فيجب بقاؤه على التطهير للآية (٥).
وقالت الحنفيّة : كلّ مستعمل في غسل بني آدم على وجه القربة فهو مستعمل ، وما لا فلا ، فلو غسل يده للطعام أو من الطعام صار مستعملا ، بخلاف ما لو غسل لإزالة الوسخ ولإزالة العجين من يده » (٦) الخ وبالجملة : تخصيص الخلاف إليهم يقضي بنفيه عمّا بين أصحابنا.
وثالثها : قال العلّامة في المنتهى : « المستعمل في غسل الجنابة يجوز إزالة النجاسة به إجماعا منّا ، لإطلاقه ، والمنع من رفع الحدث به عند بعض الأصحاب لا يوجب المنع من إزالة النجاسة ، لأنّهم إنّما قالوه ثمّ لعلّة لم توجد في إزالة الخبث ، فإن صحّت تلك العلّة ظهر الفرق وبطل الإلحاق ، وإلّا حكموا بالتساوي في البابين كما قلناه » (٧) انتهى.
ولعلّ نظره في العلّة الّتي لا توجد في إزالة الخبث إلى الأخبار المخصوصة في
__________________
(١) فقه الرضا عليهالسلام : ٤ ـ الفقيه ١ : ١٥ ـ المقنع : ١٤.
(٢) النهاية ونكتها ١ : ٢١١.
(٣) الحدائق الناضرة ١ : ٤٤٨.
(٤) الخلاف ١ : ١٧٢ المسألة ١٢٦.
(٥) الأنفال : ١١.
(٦ و ٧) منتهى المطلب ١ : ١٣٨.