ويرد على أوّل الوجهين : أنّ المجتمع هو الناقص الّذي بلغ كرّا بالاجتماع ، فإذا سلّم خروجه عن الآيات والأخبار حال النقصان ، فأيّ دليل قضى بدخوله فيهما بعد الاجتماع؟ هذا مع ما فيه من التعبير بالطهارة الّتي ليست من المتنازع فيه ، إلّا أن يراد بها الطهوريّة.
وعلى ثاني الوجهين : القدح فيه سندا ودلالة ، أمّا الأوّل : فلما صرّح به غير واحد من أنّه غير معلوم الإسناد ، وأمّا الثاني : فلظهوره في أنّ بلوغ الكرّيّة مانع عن حدوث الخبثيّة فيه ، أو ملزوم له ، وهو ليس من كونه سببا أو ملزوما لزوالها عنه بعد الحدوث في شيء. ولقد أجاد صاحب المعالم ـ فيما حكى عنه ـ من قوله : « والعجب أنّ الشيخ رحمهالله احتجّ في الخلاف (١) على عدم زوال النجاسة في المجتمع من الطاهر والنجس ؛ بأنّه : ماء محكوم بنجاسته ، فمن ادّعى زوال حكم النجاسة عنه بالاجتماع فعليه الدليل ، وليس هناك دليل ، فيبقى على الأصل ، ولو صحّ الحديث الّذي جعله في موضع النزاع منشأ لاحتمال زوال المانع ، لكان دليلا على زوال النجاسة هناك ، وليس بين الحكمين في الخلاف إلّا أوراق يسيرة. » (٢) انتهى.
وسابعها : قال في المنتهى : « لو اغتسل وجوبا من جنابة مشكوك فيها ، كالواجد في ثوبه المختصّ ، أو المتيقّن لها وللغسل الشاكّ في السابق ، أو من حيض مشكوك فيه كالناسية للوقت والعدد ، هل يكون ماؤه مستعملا؟ فيه إشكال ، فإنّ لقائل أن يقول : إنّه غير مستعمل ، لأنّه ماء طاهر في الأصل لم يعلم إزالة الجنابة به ، فلا يلحقه حكم المستعمل ويمكن أن يقال : إنّه مستعمل ، لأنّه قد اغتسل به من الجنابة وإن لم تكن معلومة ، إلّا أنّ الاغتسال معلوم فيلحقه حكمه ، ولأنّه ما أزال مانعا من الصلاة ، فانتقل المنع إليه كالمتيقّن » (٣).
أقول : والأولى إناطة الأمر بأنّ الرافع للطهوريّة هل هو طروّ الاستعمال في الجنابة ولو شرعيّة ، أو كونه رافعا للحدث الّذي هو أمر واقعي؟ فإن كان الأوّل فلا إشكال في
__________________
ـ مسألة ١ عن كتب العامّة عن النبيّ صلىاللهعليهوآله وقال المحقّق في المعتبر ـ في مسألة الماء المستعمل في الحدث الأكبر ما هذا لفظه : « وما يدّعي من قول الأئمّة عليهمالسلام إذا بلغ الماء كرّا لم يحمل خبثا ، لم نعرفه ، ولا نقلناه عنهم ونحن نطالب المدّعي نقل هذا اللفظ بالإسناد إليهم ». ـ المعتبر : ٢٢.
(١) الخلاف ١ : ١٩٤ ـ المسألة ١٥٠.
(٢) فقه المعالم ١ : ٣٤٤.
(٣) منتهى المطلب ١ : ١٤٠.