طهورا ، فانظروا كيف تكونون » (١).
ومنها : ما عن أمير المؤمنين ، إذ قال ـ لابن الحنفيّة ـ : « يا محمّد ايتني بإناء من ماء أتوضّأ للصلاة ، فأتاه محمّد بالماء ، فأكفاه بيده اليسرى على يده اليمنى ، ثمّ قال : بسم الله والحمد لله الّذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا » (٢).
ومنها : قوله تعالى : (وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً) (٣) بناء على ما قيل : من أنّ المراد به المطهّر ، مستندا إلى ما نقل : أنّ الرجل من أهل الجنّة تقسّم له شهوة مائة رجل من أهل الدنيا ، فيأكل ما شاء ، ثمّ يسقى شرابا طهورا ، فيطهّر باطنه ، ويصير ما أكله رشحا يخرج من جلده أطيب ريحا من المسك (٤).
ويشكل ذلك أيضا : بأنّ مجرّد كثرة الاستعمال في معنى مغاير للمعنى الأصلي لا تكشف عن النقل وحدوث الوضع ما لم تبلغ الاستعمالات في الكثرة حدّا يستغني معها عن مراعاة القرينة ، فكيف بها إذا وجدت مع القرينة كما في المقام ، لاقتران اللفظ في جميع الروايات المذكورة بالقرينة ، كما لا يخفى على المتدرّب ، ولا سيّما مع ملاحظة تحقّق تلك الكثرة في الطرف المقابل أيضا ، كما يظهر للمتتبّع.
فالحقّ أنّ إثبات الوضع الشرعي المخالف للأصل بمجرّد الاستعمالات المذكورة ممّا لا سبيل إليه.
نعم ، يمكن أن يستكشف ببعض تلك الاستعمالات عن إرادة هذا المعنى من اللفظ الوارد في الآية ، بأن يجعل ذلك قرينة كاشفة عن المراد كما في الروايتين الأخيرتين ؛ فإنّ قول الصادق عليهالسلام : « وقد وسّع الله عليكم بما بين السماء والأرض ، وجعل الماء طهورا ، » إظهار للشكر وقبول للامتنان الّذي أخذه الله تعالى على العباد بقوله : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) (٥) ، أو حثّ وتحريص على قبوله وإظهار الشكر على تلك النعمة
__________________
(١) الفقيه : ١ : ١٠ ح ١٣ ـ التهذيب ١ : ٣٥٦ / ١٠٦٤ ـ الوسائل ١ : ١٠٠ ، ب ١ من أبواب الماء المطلق ح ٤ وفيها : « وسّع الله عليكم بأوسع ما ».
(٢) الوسائل ١ : ٤٠١ ب ١٦ من أبواب الوضوء ح ١ ـ التهذيب ١ : ٥٣ / ١٥٣.
(٣) الإنسان : ٢١.
(٤) نقله في مجمع البيان ١٠ : ٦٢٣ ذيل الآية ٢١ من سورة الإنسان.
(٥) الفرقان : ٤٨.