وفقهائهم ، له كتب منها : اصول الشرائع » (١) ، فجلالة شأنه وفضله وعلوّ رتبته يأبى عن روايته عمّن لا يوثق به ، أو روايته ما لا ينبغي الوثوق عليه ، فأقلّه كون الرواية ممّا يوثق به ويعتمد عليه وإن لم يكن الراوي بنفسه على تلك المثابة ، لجواز احتفاف الرواية بقرينة الخارج ، وبالجملة : فأصل الحكم في الجملة ممّا لا إشكال فيه ولا كلام ، فلا ينبغي إطالة الكلام في إقعاده وتتميم الدليل عليه ، بل اللائق بالبحث جهات اخر متعلّقة بموضوع المسألة ، وقد تكلّم فيها الأصحاب واختلفت أقوالهم فيها.
الجهة الاولى : أنّهم اختلفوا في اشتراط الكرّيّة في المادّة على قولين :
أحدهما : كونها شرطا وعزّاه غير واحد إلى الأكثر ، وربّما يعزى إلى العلّامة في التحرير (٢) اعتبار زيادة المادّة على الكرّيّة ، ولكنّه غير واضح الوجه ، فلذا حمله ثاني الشهيدين (٣) والمحقّق الثاني (٤) ـ على ما حكي عنهما ـ على اعتبار ذلك في تطهير الحوض الصغير على فرض تنجّسه.
وربّما يتأمّل في نسبته اعتبار الكرّيّة أيضا إلى الأكثر ، بل عن كشف اللثام (٥) أنّه نقل عن الجامع (٦) ـ وحده ـ موافقة العلّامة على الاشتراط ، حاملا لتلك النسبة على كون المراد من الأكثر أكثر من تأخّر عن المحقّق ، المصرّح بعدم الاشتراط لإطلاق النصوص والفتاوى ، قائلا : « بأنّ ظاهره أنّ الفتاوي مطلقة ».
وثانيهما : عدم كونها شرطا صرّح به المحقّق في محكيّ المعتبر قائلا : « ولا اعتبار بكثرة المادّة وقلّتها ، لكن لو تحقّقت نجاستها لم تطهر بالجريان » (٧) وهو ظاهر إطلاق كلامه في كتابيه الشرائع (٨) والنافع (٩) ، وعزى إلى جملة ممّن تأخّر عنه ، بل عن الشيخ جعفر في ـ محكيّ بعض تلامذته ـ دعوى الإجماع عليه من القائلين باشتراط الكرّيّة ،
__________________
(١) رجال النجاشي : ٤١٣.
(٢) تحرير الأحكام ـ كتاب الطهارة ـ (الطبعة الحجريّة) : ٤.
(٣) روض الجنان : ١٣٧.
(٤) جامع المقاصد ١ : ١١٣ حيث قال : « وينبغى التنبيه بشيء وهو أنّ المادّة لا بدّ أن تكون أزيد من الكرّ ، إذ لو كانت كرّا فقط لكان ورود شيء منها على ماء الحمّام موجبا لخروجها عن الكرّيّة فيقبل الانفعال حينئذ »
(٥) كشف اللثام ١ : ١٢٠.
(٦) الجامع للشرائع : ٢٠ مع اختلاف في العبارة.
(٧) المعتبر : ٩.
(٨) شرائع الإسلام ١ : ١٢.
(٩) المختصر النافع : ٤١.