حاملا لإطلاق كلامهم في اشتراط الكرّيّة في المادّة على التطهير بعد تنجّس ما في الحياض ، ولإطلاق كلامهم أيضا في كفاية مجموع ما في المادّة والحوض والمجرى على عدم قبول النجاسة بالملاقاة ، فالفريقان اتّفقا على لزوم كرّيّة المادّة للتطهير ، والاكتفاء بكرّيّة المجموع لدفع الانفعال مع اختياره إيّاه.
وللشيخ عليّ في حاشية الشرائع تفصيل في المسألة ، حيث قال : « وينبغي تنقيح المبحث بأنّ المادّة إمّا أن يكون سطوحها مساويا لسطوح الحوض ، أو أعلى ، أو أخفض ، فإن كان مساويا وهما معا طاهران كفى لدفع النجاسة وعدم الانفعال عنها بالملاقاة كون الماءين معا كرّا ، وإن كان سطوح الماء أعلى اعتبر في زمان اتّصال مائها بماء الحوض وتسلّطه عليه بلوغها الكرّيّة ، وهذا إنّما يكون إذا كانت في الأصل أزيد من كرّ ، وإن كانت سطوحها أخفض اعتبر مع هذا فوران المادّة من تحت الحوض بقوّة ودفع ، بحيث تظهر عامليّتها فيه ، فلو كان اتّصالها به إنّما هو اتّصال مماسّة أو يجري إليه ترشّحا لم يعتدّ بها » (١).
حجّة القول الأوّل : أنّه عند عدم بلوغ المادّة كرّا يصدق عليه أنّه ماء قليل لاقى نجاسة ، فيشمله ما دلّ على انفعال القليل.
وقد يؤيّد ذلك أو يستدلّ عليه بانصراف نصوص الحمّام إلى ما هو الغالب فيه من كون مائها كرّا بل أزيد ، مع أنّ في رواية ابن أبي يعفور « ماء الحمّام كماء النهر يطهّر بعضه بعضا » (٢) إشارة بل دلالة على أنّ العاصم له هي الكثرة لا مجرّد المادّة.
واجيب عن الأوّل : بمنع ما ادّعي من الصدق مع بلوغ المجموع كرّا.
ويشكل ذلك : بأنّه لا يجدي نفعا في عدم الانفعال إلّا مع صدق الوحدة على المجموع ، والمراد به صدق قضيّة قولنا : « هذا الماء كرّ » ليشمله منطوق قوله عليهالسلام : « إذا كان الماء قدر كرّ لا ينجّسه شيء » (٣) وهو في حيّز المنع جدّا ، ضرورة عدم وقوع اسم الإشارة بصيغة المفرد على ما في الحوض مع ما في المادّة ولو حال اتّصالها به ،
__________________
(١) حاشية الشرائع ـ للمحقّق الكركي ـ (مخطوط) الورقة : ٤.
(٢) الوسائل ١ : ١٥٠ ب ٧ من أبواب الماء المطلق ح ٧.
(٣) الوسائل ١ : ١٥٨ ب ٩ من أبواب الماء المطلق ح ٢ ـ ١.