ووجه الضعف : أنّه ينافي كلماتهم المؤدّاة بطريق الحمل ، الظاهر في كون ذلك من مقتضى الوضع كما قرّر في محلّه ، كيف وهو ينافي تصريح كلام جملة منهم حيث ذكر « الطهور » بمعنى ما يتطهّر به مقابلا له بمعنى الطاهر المطهّر ، كما عرفته عن القاموس (١) وعن الأزهري حيث قال : « الطهور في اللغة هو الطاهر المطهّر ، وفعول في كلام العرب لمعان منها فعول لما يفعل به الخ » (٢) فتأمّل.
والعجب عن شيخنا في الجواهر في تقويته هذا الكلام ، بقوله : « وكيف كان فلا يخلو القول بإنكار كون « الطهور » بمعنى المطهّر وضعا من قوّة ، نعم هو يستفاد من كونه اسما لما يتطهّر به » (٣).
نعم ، ربّما يشكل تتميم الاستدلال بحمل الآية على هذا المعنى ، من جهة كون المقام بالنظر إلى ما قرّرناه من مسألة تعارض العرف واللغة كما لا يخفى ، ولا يضرّه احتمال كون الوضع الطاري أيضا من واضع اللغة ، بعد ملاحظة أصالة التأخّر.
لا يقال : الحمل على المعنى اللغوي ـ وهو ما يتطهّر به ـ لا ينافي الحمل على المعنى العرفي ؛ لكونهما متلازمين ، فلا تعارض بينهما في الحقيقة.
لأنّ المعنى اللغوي غير منحصر في ذلك ، بعد ملاحظة المعنى المبالغي والمعنى الوصفي ، فلا يتعيّن الحمل على ما لا ينافي المعنى العرفي على تقدير عدم الحمل عليه ، فما ذكرناه من الإشكال في محلّه ، إلّا أن يستفاد عن أهل اللغة أنّهم إنّما ذكروا هذا المعنى باعتقاد ثبوته عن قديم الأيّام ، وأقلّه ثبوته في زمن الشارع ، وليس ببعيد لو ادّعينا ذلك.
ثمّ هذا المعنى على تقدير ثبوته هل المطهّر أو الطاهر المطهّر؟ وهذا وإن لم يتعلّق به فائدة ، لرجوع كلّ إلى الآخر ، غير أنّ الظاهر كونه موضع خلاف ، وأقلّه اختلاف كلمات أهل اللغة في ذلك ، كما يظهر بالمراجعة إلى ما تقدّم ، ولكن لا يبعد ترجيح الثاني بملاحظة الغلبة في المنقولات العرفيّة ، فإنّ النقل على الأوّل من باب النقل عن اللازم إلى الملزوم ، وعلى الثاني من باب النقل عن العامّ إلى الخاصّ ، نظرا إلى أنّ
__________________
(١) القاموس المحيط ؛ مادّة « طهر » ٢ : ٧٩.
(٢) تهذيب اللغة ٦ : ١٧٢.
(٣) جواهر الكلام ١ : ١٨٢.