كقول العدل فهو كالمتيقّن وإلّا فلا ، وقال في المنتهى : « لو أخبر عدل بنجاسة الإناء لم يجب القبول أمّا لو شهد عدلان فالأولى القبول » (١) وصرّح في المختلف (٢) بذلك مع شهادة الشاهدين ، ونسب اختياره إلى ابن إدريس (٣) أيضا ، وعن المحقّق في المعتبر (٤) أنّه جزم بعدم القبول في العدل الواحد وجعل القبول في العدلين أظهر ، وعن المعالم : « أنّ ما فصّله في المنتهى هو المشهور بين المتأخّرين » (٥) ، وعنه أيضا أنّه نقل عن بعضهم أنّه قيّد القبول في خبر العدلين بذكر السبب ، قائلا : « لاختلاف العلماء في المقتضي للتنجيس » (٦) وفي المختلف عن ابن البرّاج : « عدم وجوب القبول والحكم بالطهارة استنادا إلى أنّ الطهارة معلومة بالأصل ، وشهادة الشاهدين تثمر الظنّ ، فلا يترك لأجله المعلوم » (٧).
وأجاب عنه في المختلف : « بأنّ الحكم بشهادة الشاهدين معلوم ، ولهذا لو كان الماء مبيعا لردّه المشتري ، وإنّما يحصل ذلك بعد الحكم بالشهادة » (٨) واحتجّ هو على ما اختاره من قبول شهادة الشاهدين : « بأنّ الحكم بشهادتهما معلوم في الشرع فيجب العمل بها هنا » (٩) ولا يخفى ما فيه ، إذ لو أراد بما ذكره من معلوميّة الحكم بشهادة الشاهدين ما هو كذلك على الإطلاق حتّى في خصوص المقام ، فهو في حيّز المنع ، لعدم قيام ما يقضي من الشرع بذلك عموما ، وما ورد هو فيه من الموارد لا يتناول المقام جزما ، ولو أراد بكونه كذلك في الجملة فهو غير مجد.
وأمّا الاستشهاد : بأنّ المشتري إذا ادّعى عيب النجاسة في المبيع وشهد عدلان به لوجب القبول.
ففيه أوّلا : أنّ القبول في مقام الحكم للحاكم غير القبول على الإطلاق ، ومحلّ البحث من الثاني.
وثانيا : أنّ الفسخ وإن كان يتوقّف على ثبوت العيب ، وهو يستند إلى القضاء بموجب الشهادة ، لكن عنوان العيب لا ينحصر في النجاسة وتحقّقها ، بل الاتّهام بالنجاسة وكون الشيء معرضا للاحتياط الراجح الّذي لا يكاد يتركه المتّقون ممّا
__________________
(١) منتهى المطلب ١ : ٥٦.
(٢ و ٧) مختلف الشيعة ١ : ٢٥٠.
(٣) السرائر ١ : ٨٦.
(٤) المعتبر : ١٢.
(٥) فقه المعالم ١ : ٣٨٢.
(٦) فقه المعالم ١ : ٣٨٣ نقلا بالمعنى.
(٧ ـ ٩) مختلف الشيعة ١ : ٢٥٠ و ٢٥١ و ٢٥٠.