المتقدّمة يدخل في عنوان المشتبه ، كما عن المحقّق والعلّامة في المعتبر (١) والتحرير (٢) والشهيد في الذكرى (٣) والشيخ عليّ وثاني الشهيدين في شرح القواعد (٤) وبعض فوائده (٥) فإنّ البيّنتين متّفقتان في نجاسة القدر المشترك المردّد ، فيكون كالمعلوم بالإجمال الّذي يوجب التحرّز عن الجميع من باب المقدّمة.
فلا وجه لما يسند إلى الشيخ في الخلاف (٦) من سقوط الشهادتين وبقاء الماء على أصل الطهارة ، ولا لما اختاره العلّامة في المختلف (٧) من التفصيل بين ما أمكن العمل بشهادتهما معا فيجب ، وما لو تنافيا فيطرح الجميع ويحكم بأصل الطهارة.
ويظهر ذلك عن محكيّ الشيخ في المبسوط قائلا : « لو قلنا : إن أمكن الجمع بينهما قبلتا ونجسا ، كان قويّا » (٨) قال العلّامة في المنتهى ـ بعد ما نقل العبارة المذكورة عن المبسوط ولم يتعرّض لما لا يمكن فيه الجمع ـ : « والوجه فيه وجوب الاحتراز عنهما والحكم بنجاسة أحدهما لا بعينه ، والقول بسقوط شهادتهما فيما يتعذّر الجمع فيه لا يخلو من قوّة وهو قول الحنابلة » (٩) انتهى.
ثمّ نحن لا نعقل هذا التفصيل في الصورة المفروضة ، ولعلّه مفروض فيما لو قامت الشهادتان في الإنائين مع تعرّض كلّ لنفي ما أثبته الاخرى ، أو سكوتها عن النفي والاقتصار على مجرّد الإثبات ، فيكون مرادهم ممّا لا يمكن الجمع بينهما هو الفرض الأوّل ، حيث إنّ الأخذ بكلّ من الشهادتين في عقدها الإيجابي يوجب طرح الاخرى في العقد السلبي ، والوجه عندنا وجوب الاجتناب عن كلّ من الإنائين في كلّ من الفرضين ، أمّا الأوّل : فلما عرفت من دخوله في عنوان المشتبه ، نظرا إلى اتّفاقهما في أنّ هنا نجسا واختلافهما في التعيين ، فيصدقان بالقياس إلى نجاسة القدر المشترك المردّد من دون أن يلزم منه طرح إحداهما في الشهادة بالطهارة ، لأنّ العمل بموجب النجاسة في كليهما
__________________
(١) المعتبر : ٢٦.
(٢) تحرير الأحكام ـ كتاب الطهارة ـ (الطبعة الحجريّة) : ٦.
(٣) ذكرى الشيعة ١ : ١٠٥.
(٤) جامع المقاصد ١ : ١٥٥.
(٥) القواعد ـ الشهيد الثاني ـ مطبوع مع الذكرى : ٣٩.
(٦) الخلاف ١ : ٢٠١ المسألة ١٦٢.
(٧) مختلف الشيعة ١ : ٢٥١ ـ ٢٥٢.
(٨) المبسوط ١ : ٨ مع اختلاف يسير في العبارة.
(٩) منتهى المطلب ١ : ٥٥.