بالقياس إلى مقام الدفع ، اختلفوا في اشتراط بعض من الامور الاخر وعدمه ، فالمشهور بينهم اشتراط التقاطر من السماء فقط ، من غير اشتراط الكثرة ولا الجريان من ميزاب أو غيره ، وعليه دعوى الشهرة في كلام غير واحد ، وفي بعض العبارات (١) : « عليه الفاضلان والشهيدان والمحقّقان وغيرهم من الأساطين » ، وقد عرفت التصريح به عن العلّامة في جملة من كتبه (٢) وعن الشهيد في الدروس (٣) ، وعن مجمع الفوائد (٤) أنّه صرّح بعدم اشتراط الكثرة والجريان ، وعزى إلى ظاهر المعتبر (٥) ، وشرح الموجز (٦) ، وصريح شرح المفاتيح (٧) ، وجامع المقاصد (٨) ، واختاره في الرياض (٩) ، وغيره ممّن تأخّر عنه.
لكن ظاهر هؤلاء كما هو صريح بعضهم اعتبار الصدق العرفي مع التقاطر ، لا كفاية مسمّى المطر مطلقا ولو بقطرة ونحوها ، نعم ربّما يحكى عن بعض المتأخّرين القول بطهارة الماء النازل من السماء مطلقا ولو كان قطرة واحدة ، وهو في غاية البعد عن الأدلّة ، خلافا للشيخ في التهذيب (١٠) ، ومحكيّ المبسوط (١١) ـ كما في المنتهى (١٢) ـ بل الاستبصار (١٣) ـ كما في المدارك ـ لمصيره إلى اشتراط الجريان من الميزاب ، قائلا : « أنّ ماء المطر إذا جرى من الميزاب فحكمه حكم الماء الجاري ، لا ينجّسه شيء إلّا ما غيّر لونه أو طعمه أو ريحه » (١٤) لكن قضيّة احتجاجه على ذلك بصحيحة عليّ بن جعفر الآتية اكتفاؤه بمطلق الجريان ولو عن غير ميزاب ، لذكر الجريان فيها مطلقا ، فيكون الميزاب واردا في كلامه من باب المثال.
وربّما يحكى ذلك عن ابن فهد في الموجز وعن صاحب الجامع (١٥) أيضا ، ولكن
__________________
(١) لم نعرف قائله.
(٢) تذكرة الفقهاء ١ : ١٨ ـ منتهى المطلب ١ : ٢٩.
(٣) الدروس الشرعيّة ١ : ١١٩.
(٤) مجمع الفائدة والبرهان ١ : ٢٥٩.
(٥) المعتبر : ٩. (٦) كشف الالتباس ١ : ٤٥.
(٧) مصابيح الظلام ـ كتاب الطهارة ـ (مخطوط).
(٨) جامع المقاصد ١ : ١١٢. (٩) رياض المسائل ١ : ١٤٠.
(١٠) التهذيب ١ : ٤١١ ذيل ح / ١٢٩٦.
(١١) المبسوط ١ : ٦ حيث قال : « ومياه الموازيب الجارية من المطر حكمها حكم الماء الجاري سواء ».
(١٢) منتهى المطلب ١ : ٢٩.
(١٣) لم نجده في الاستبصار ولكن وجدناه في المبسوط ١ : ٦.
(١٤) مدارك الأحكام ٣ : ٣٧٦.
(١٥) الجامع للشرائع : ٢٠ حيث قال : « والمياه الجارية من الميازيب من المطر كالمياه الجارية ».