نعم ، يصحّ الاستناد عليه أيضا بالرواية الرابعة كما استند إليها في المنتهى (١) ، سواء اعتبرناها صحيحة كما في الكتاب أو حسنة ، ولا يقدح فيه اختصاص المورد بصورة الجريان بعد ملاحظة ما تقدّم في الصحيحة الاولى من العموم في تلك الجهة ، نظرا إلى أنّ المورد بمجرّده لا ينهض دليلا على اختصاص الحكم ، ولا أنّه صالح لتقييد الصحيحة ، لعدم المنافاة بينهما في المقام ونظائره ، وهي أيضا في عدم تناولها لغير حالة النزول كالصحيحة المذكورة ، لمكان انصراف سيلان ماء المطر من الميزاب إليه في حال النزول ، كما لا يخفى.
ويمكن لهم الاستناد بالرواية الثالثة لو لا قصورها بالإرسال ، وربّما يدّعى انجبارها بالشهرة وليس بثابت ، إذ العبرة في الانجبار بالشهرة بكونها استناديّة ليوجب الوثوق بصدور الرواية ، وغاية ما هنالك انكشاف صدق مضمونها ، وهو ليس من انكشاف صدق نفسها في شيء ، وعلى هذا القياس الحال في الثامنة الواردة في طين المطر ، بل هي ممّا لو حصل له جابر تدلّ على أحكام كثيرة.
منها : كون ماء المطر مطهّرا للأرض ، نظرا إلى إطلاق قوله عليهالسلام : « طين المطر لا بأس به » الشامل لما كان نجسا قبل المطر وغيره.
ومنها : كونه عاصما لغيره عن الانفعال ، لمكان قوله عليهالسلام : « إلّا أن يعلم أنّه قد نجّسه شيء بعد المطر » فإنّ التقييد ببعديّة المطر يقضي بأنّه لا ينجّسه شيء حال المطر ، وعلى فرض تنجيسه فيقضي بالمطهّريّة أيضا ، بل يقضي بها لو نجّسه قبل المطر أيضا.
ومنها : عدم انفعاله بنفسه لو ورد عليه وهو نجس ، ضرورة أنّ الطين ما يحصل بامتزاج الماء في الأجزاء الترابيّة ، فلو فرض كون تلك الأجزاء نجسة قبل ورود الماء عليها مع كونه قابلا للانفعال بملاقاته إيّاها ، فهو بعد امتزاجه باق على وصف النجاسة ، ومعه كيف يصحّ نفي البأس عن الممتزج فيه بإطلاقه ، بل كونه مطهّرا له على بعض الفروض يستلزم طهارته ، ولا يستقيم ذلك إلّا على تقدير عدم قبوله الانفعال ، إذ الضرورة قاضية بأنّ الامتزاج لا يفيده طهارة ، ودعوى : أنّ المطهّريّة لا يستلزم الطهارة ، ممّا لا ينبغي الالتفات إليه.
نعم ، لو استند على المشهور بالصحيحة الخامسة كان بلا إشكال أيضا ، لسلامتها عمّا يقدح فيها سندا ودلالة ، لكن يبقى الكلام في معنى « الأكثريّة » الّتي علّل بها الحكم ،
__________________
(١) منتهى المطلب ١ : ٢٩.