الحميري في قرب الأسناد من قوله عليهالسلام : « إذا جرى من ماء المطر فلا بأس » فإنّه أيضا تعليق على شرط مذكور في السؤال ، غير أنّه يقضي بكون كلمة « من » زائدة كما لا يخفى.
ويمكن إضمار فاعل قوله عليهالسلام : « جرى » مع عوده إلى ما يكفّ بعد إصابة المطر للكنيف فيصيب الثياب ، مرادا به اعتبار كون الّذي يكفّ في موضوع حكم نفي البأس شيئا من ماء المطر لا ممّا هو في الكنيف ، أو اعتبار كون الوكف الّذي لا بأس به لا بدّ وأن ينشأ من المطر ، لا من قبل الكنيف نفسه ، ولا من قبل أمر خارج عنه غير المطر ، بناء على أنّ كلمة « من » نشويّة.
واجيب عن احتجاج الشيخ بالصحيحة المتقدّمة بوجوه اخر :
منها : ما عن المعتبر (١) من أنّه لا يدلّ على الاشتراط ، لأنّه لو لم يكن طاهرا لما طهّر بالجريان ، ولا يخفى ضعفه.
ومنها : ما في شرح الدروس للخوانساري (٢) من أنّ دلالة المفهوم إنّما تعتبر فيما لا فائدة فيه سوى الاشتراط ، وليس الأمر هاهنا كذلك ، لجواز أن يقال : إنّ السؤال لمّا كان متضمّنا للجريان ، فأجاب على وفقه تحقيقا وتثبيتا لنفي البأس في هذه الحالة ، وهو أيضا ضعيف لفساد مدركه.
ومنها : ما أشار إليه في الكتاب (٣) أيضا وتبعه قوم ، من أنّ البأس أعمّ من الحرمة والكراهة ، فيجوز أن يكون التوضّي به قبل الجريان مكروها ، وهو لا يستلزم النجاسة. وهو أضعف من سابقيه.
ومنها : ما في الكتاب المذكور : « من أنّه لا يدلّ على نجاسة ماء المطر بالملاقاة إذا لم يكن جاريا ، لجواز أن يكون البأس حين عدم الجريان ، بناء على عدم تطهيره للأرض بدون الجريان ، ولمّا لم يطهّر الأرض والغالب اختلاط أجزائها بماء المطر فلذلك يتحقّق البأس ، فلم تظهر دلالته على الانفعال بالملاقاة » (٤) ولعلّه بعيد من حيث استلزامه عدم مطابقة الجواب للسؤال ، لظهور السياق في أنّ الغرض الأصلي معرفة حكم الماء والثوب ، وإن خصّت الصلاة بعنوان الاستفهام ، والنكتة في ذلك أنّ أثر نجاسة الماء
__________________
(١) المعتبر : ٩.
(٢ ـ ٤) مشارق الشموس : ٢١٢.