مطلقا ، وأمّا على اعتبار الجريان أو الكثرة فيناط بحصول أحدهما » (١) انتهى.
وعن الذخيرة بناء المسألة على الوفاق ، والخلاف في المسألة السابقة ، حيث قال : « فإن كان بطريق الجريان ، فلا ريب في أنّه يفيده تقوّيا فيصير كالجاري ، وإلّا فيبنى على الخلاف في اشتراط الجريان وعدمه » (٢).
وقد يستدلّ على التقوّي مطلقا باستصحاب الطهارة ، بناء على أنّه لا دليل يوجب رفع اليد عنه ، واتّضح ضعفه.
وبالأولويّة ، بتقريب : أنّ ماء المطر مطهّر للماء النجس ورافع عنه النجاسة ، فكونه عاصما له عن قبول النجاسة ، ـ لمكان كون الدفع أهون من الرفع [طريق الأولويّة] (٣) ، وهو أوهن من بيت العنكبوت لعدم صلاحية الاعتبارات العقليّة وسطا للأحكام التعبّديّة ، ألا ترى أنّ الماء القليل يفيد تطهير النجس ولا يفيد تقوّيا أصلا.
نعم ، لو بنى على أنّ ماء المطر ممّا يطهّر غيره من المياه النجسة ، أمكن المصير إلى طهارة القليل الملاقي للنجاسة لا لأنّه يفيد تقوّيا ، بل لأنّ هذا الماء ينفعل بالملاقاة آنا ما ولو حال التقاطر ثمّ يزول انفعاله بلحوق تقاطر آخر ، أخذا بموجب أنّه يطهّر غيره ، إذ لا يفترق الحال في ذلك بين طروّ النجاسة للغير حال التقاطر أو قبله ، ولكن ثبوت الطهارة له بتلك القاعدة لا يجدي نفعا في طهارة ما لو فرض تحقّق ملاقاة النجاسة له في آخر أزمنة التقاطر ، على معنى انقطاع التقاطر في ثاني زمان الملاقاة كما لا يخفى.
نعم ، على ثبوت قاعدة التقوّي يحكم عليه بالطهارة جزما ، وأمّا لو تحقّقت الملاقاة حال الانقطاع ـ على معنى عروضها مقارنة له ـ فلا يحكم عليه بالطهارة على القاعدتين معا.
وثانيها : لا إشكال في كون ماء المطر حال التقاطر مطهّرا للأرض الّتي أصابها نجاسة قبل نزولها بل حال النزول أيضا ، على تقدير تحقّق الاستيعاب لموضع النجاسة ، وزوال عينها لو كانت عينيّة ، بل لو قلنا بالعمل بمرسلة الكاهلي المتقدّمة كان مطهّرا عن كلّ متنجّس حتّى الأواني والثياب ، لعموم قوله عليهالسلام : « كلّ شيء يراه المطر فقد طهر » وقد يعزى ذلك إلى المشهور ، بل قضيّة الشرطيّة المقتضية للسببيّة التامّة حصول الطهر بمجرّد الإصابة من دون اعتبار ما يعتبر في غسل الأواني والثياب إذا حصل بغير المطر من عصر وإزالة غسالة
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١ : ٢٢٤.
(٢) ذخيرة المعاد : ١٢١.
(٣) أضفناها لاستقامة العبارة.